الاثنين، 4 فبراير 2008

أغــــــــرب شخصيات سايلنت هيل، تحتَ المجهر


لم يعد أمر سايلنت هيل يتعلق بالرعب فقط، بل أصبح الآن هوسًا مسيطرًا على الجميع، وشغفًا كبيرًا بتلك التجربة الفنية العميقة والغنية بالقصص المخيفة التي تغلفها رحلة خيالية ممتعة للغاية

وبعد أن أنهيت جميع أجزاء اللعبة، والجزء الرابع مؤخرًا أرى أن الصورة الآن قد اكتملت، وأن الخيال قد بلغ أقصى حدوده في هذا الجزء من اللعبة، وأعتقد جازمًا أن كل من قال عن الجزء الرابع أنه أضعف الأجزاء، قد يغير رأيه تمامًا بعد إنهاء اللعبة।فالتوتر كان موجودًا حتى وقت قريب من النهاية، والجميع غلب عليه الحماس، والانطباع النهائي لم يكن ليتولد لولم تنته اللعبة.ولأن لكل شخص رؤيته الخاصة،أرى أن شخصية جوزيف شرايبر شخصية عجيبة وفريدة من نوعها، وهي أهم ما يميز لعبة سايلنت هيل 4 بأكملها





هذه الشخصية الغريبة تم تجسيدها بطريقة مميزة للغاية।جوزيف شرايبر هو العنصر الأكثر فعالية في دراما وحبكة القصة، وهو الشخصية المتواجدة في جميع مراحل اللعبة، ومن خلال الرسائل الحمراء التي كنا نجدها تحت الباب، والتي في الواقع هي مذكراته، أتاحت لنا الدخول في عالم اللعبة الخيالي، وعالم هذه الشخصية وعلاقتها ببطل اللعبة هنري، فأعطت للعبة بعدًا جماليًا خاصًا من خلال توافق الأحداث التي تحصل لهذه الشخصية مع هنري، ومن خلال البعد الزمني الذي يفصل بينهما.وأدعو الجميع لأن يتأمل كيف استطاعت اللعبة وضعنا في وسط معركة ضد والتر ويكون جوزيف شرايبر هو المحرك الأساسي لها، والمعين المخلص لهنري رغم أنه لا يعرفه، فبعد أن أغلق جوزيف باب شقته على نفسه، وبدأ الهوس التحقيقي يسيطر عليه، بدأ يغوص شيئًا فشيئَا في عالم والتر، وبدأ عالم والتر يمتصه إليه، ومن دون أن يحس بذلك، حتى عندما مات، لم يعرف ذلك، وواصل مسيرته الهادفه إلى كشف الحقيقة، هنا ندرك قمة الإبداع في الخيال الذي تبنى عليه قصة اللعبة، والمعنى الجمالي المتمثل في عالم اللاوعي الذي تكون من أوهام والتر وغريزة الانتقام، المدفونه فيه منذ الصغر، ذلك العالم الذي نشأ قبل أن يموت والتر، واستمر حتى بعد أن مات منتحرًا في زنزانته.قد لا يكون عالم والتر واضحًا أو جليًا للبعض. كما أنني لا أدعي النظر بعين الناقد صاحب النظرة التعسفية والذي يدعي رؤية ما لا يراه الآخرون.لكن فكرة هذا العالم وعلاقته بجوزيف شرايبر تزداد عمقًا بالنسبة لي أكثر وأكثر بعد قراءة مذكراته، وبالأخص ما يتعلق منها بموته وعدم معرفته لذلك، وبداية دخوله لعالم والتر وتأثيره فيه وتفاعله معه،وفي نفس الوقت محاولة كشف الحقيقة وكتابة المذكرات رغم كل تلك المصاعب التي واجهها.ولعل متتبعي ومحللي قصة هذا الجزء يتذكرون جيداً تلك العبارة من مذكرات جوزيف لما لها من وقع عميق في نفوسهم وتأثير واضح على مجمل قصة هذا الرجل، حيث يكتب في مذكراته بعد أن دخل تمامًا في عالم والتر وأصبح جزءًا منهجسدًا وروحًا: "The faint hope I had is slowly changing to despair." أي " بصيص الأمل الذي كان لدي، يتحول ببطء إلى يأس".فبعد أن تبنى قضية والتر سوليفان وبدأ التحقيق فيها بشكل شخصي، وبعد أن كانت بدايته نشيطة جدًا ونجح في تحقيق الكثير من النتائج على صعيد كشف حقيقة والتر، بدأ اليأس يتسلل إليه شيئًا فشيئَا، وذلك بسبب تأثير عالم والتر عليه ومحاولة جذبه إلى الداخل.وفي مرحلة ما من مراحل بحثه توقفت النتائج عن الظهور فجأة، فبدأ في التفكير على نحو مختلف، فيه كثير من التخيل، بل أقرب في أفكاره إلى الخيال،فأصبح يعتمد كثيرًا على أفكاره الجديدة التي أصبحت تعطي نتائج ملموسة بفعل وتأثير عالم والتر من الجهة المقابلة، وتلك هي المفارقة العجيبة والمتعلقة مباشرة بلب موضوع القصة ودلالاتها النفسية،حيث الاتكاء على الحلم والكابوس في حالة العجز، والاكتفاء بابتداع بدائل وهمية للحقيقة عندما تكون بعيدة المنال،والغوص في هذا العالم البديل الوهمي والذهاب فيه بعيدًا، مدعاة إلى اليأس والخمول وتقهقر القدرات الجسدية والعقلية والنفسية، ويؤدي ذلك دائمًا إلى العزلة المفرطة، وتحول الإنسان إلى كائن يتخيل كثيرًا وينام كثيرًا.وذلك ما حصل لجوزيف شرايبر قبل أن يحصل لهنري، حيث أفرط في النوم لساعات كثيرة، وكان غالبًا ما يصيبه صداع ويحس بأن الهواء ثقيل على رأسه، ويحس أحيانًا بالخوف كلما نظر إلى الصور العلقة على الحائط في غرفته، رغم أنها كانت تعجبه.أعتقد بأن شخصية جوزيف شرايبر - بهذه الملامح النفسية العجيبة- يصعب تجسيدها في أي فيلم أو قصة أو رواية، بل يمكنني القول بأنه من المستحيل وضعها وتجسيدها بهذه الصورة في غير هذه اللعبة، قد توافقونني الرأي أو تختلفون معي حول هذه النقطة بالذات،وقد تكون الصورة التي أرمي إليها غير واضحة تمامًا،ولكنها موجودة، وإني لأحس بأنها واضحة أكثر عندما أتذكر أن جوزيف شرايبر لم يظهر في أي لقطة من لقطات اللعبة، بمعنى أن الملامح الجسدية لهذه الشخصية، غير موجودة.


عندما يصبح الخيال واقع مجرد


الجزء الرابع من لعبة التل الصامت،


رؤية فنية




تبدأ اللعبة بتعليق بسيط ومهم من بطل اللعبة هنري يشتكي فيه من المشكلة التي تؤرقه منذ أن أفاق من النوم قبل 5 أيام ويخبرنا بأن عالمه قد تحول إلى جنون وخوف منذ تلك اللحظة , لقد أصبح عالقاً في الشقة التي يسكن فيها ولا يستطيع الخروج أبداً, الباب موصد من الداخل والنوافذ لا يمكن فتحها كما أن أحداً في الخارج لا يستطيع سماعه عندما يستغيث ويطلب النجدة, حقيقة تجبر اللاعب منذ البداية على الإحساس بالاختناق والحصار, لكنها في نفس الوقت تحضره لما هو أسوأ من الحصار, ثم ما يلبث هنري أن يجد حفرة في الحمام تقوده إلى مكان آخر , قد يبدو منذ الوهلة الأولى أن الحفرة ليست سوى تكرار لفكرة تم طرحها مراراً وتكراراً في أفلام الخيال العلمي وهي الانتقال عبر الزمن من خلال هذه الحفرة التي تشبه الآله , لكن الحقيقة هي غير ذلك كما سيتضح لنا من خلال التقدم في أحداث اللعبة أكثر .ينتقل هنري عبر الحفرة إلى مكان ليس بغريب عليه وهو منطقة القطارات السفلية القريبة من شقته , ويبدأ في مواجهة الوحوش والأشياء الغريبة المعتادة في سايلنت هيل ليتضح لنا مباشرة أنه لا يعيش في العالم الطبيعي وإنما في عالم بديل ومتحول , ولكن ما السبب؟ وما الذي جاء بهنري إلى هذا العالم؟ ولماذا ؟ ... لا أحد يعرف , الشيء الوحيد الذي يمكن استنباطه هو شخصية هنري الخجولة واللامبالية والتي تجسد حالة الخوف الممزوجة بالشوق لرؤية بشر أخيراً, هذه الحالة التي تسيطر على هنري منذ أن اكتشف أنه محبوس في الغرفة , فتبدو عليه السعادة حين وجد الفتاة سينثيا, ولكن مع تقدمهما في المكان يتم حصارهما "مرة أخرى" بالوحوش والأشباح وتتم مطاردتهما حتى الوصول إلى منطقة التذاكر الخاصة بالقطارات, سينثيا تسبق هنري إلى المكان وعندما يصل متأخراً قليلاً يجدها ممددة على الأرض وغارقة في دمائها, لقد تم قتلها بطريقة وحشية, مشهد يذكرنا بالجزء الثاني عندما ماتت ماريا وغرقت في دمائها هي الأخرى , غير أن اللاعب لن يحزن على سينثيا لأنه لن يجد بعداً عاطفياً يجذبه نحو التعاطف معها إضافة إلى افتقاد هذه الشخصية للبعد الإنساني من خلال تواجدها داخل حلم ,حيث ينتهي المشهد الذي يصور موتها ووداع هنري لها قبل أن يصحو في الشقة ويكتشف أن كل ذلك كان حلماً. لكن هنري يطل من النافذة ويرى سيارة إسعاف تقف قرب الأنفاق الخاصة بالقطارات , كذلك يتم الإعلان في الراديو عن اكتشاف جثة سينثيا وهنري يسمع هذا الخبر, ما الذي يحدث حقاً ؟ هل الحلم مازال مستمراً أم أن موت الفتاة لم يكن حلماً أصلاً ؟ , لا شيء واضح حتى الآن والإحساس بالحصار والاختناق ما زال هو العنصر المسيطر على أجواء اللعبة, يجد هنري مذكرة يبدو أن أحداً دسها له من تحت الباب تفيد بأن صاحبها في معرض تحقيق بوليسي حول جرائم يرتكبها مجرم متسلسل ويترك أرقاماً معينة على ضحاياه, فيتذكر هنري ذلك الرقم الذي كتب على الفتاة سينثيا, إنه أمر مريب فعلاً أن تكون هذه الفتاة إحدى ضحايا هذا المجرم ويشهد هنري موتها في منامه (أو بالأحرى في حلمه), شخص آخر أيضاً من الخارج يحاول إيصال معلوماته التحقيقية حول هذه الجرائم إلى هنري, وعلى الرغم من أن هنري لا دخل له في كل هذه الأمور , إلا أنه من الآن وصاعداً يشهد الكثير من الأحداث المتعلقة بهذه الجريمة وفي كل مرة يدخل فيها إلى الحفرة يكون شاهداً على موت أحد ما ولا يستطيع المساعدة, كما يتلقى أيضاً أوراق ذلك الشخص التحقيقية أولاً بأول, ومع كثرة الشخصيات المتواجدة في القصة, وعدم ترابط الأحداث حتى الآن , يجد اللاعب نفسه في متاهة درامية, قد تصيبه بالدوار "أو ربما الشجن", حيث يتساءل اللاعب تلقائياً ,من يكون ذلك الشخص الذي يترك أوراقه لهنري تحت الباب؟ وما علاقته بالغرفة؟, وماذا يعرف عن هنري ؟ وهل الخطاب في كل مرة موجه إلى هنري أم أن الرجل يكتب مذكراته وحسب؟ إذا كان يكتب مذكراته وحسب, فلماذا يجدها هنري عند بابه في كل مرة يذهب فيها عبر الحفرة ويعود مستيقظاً من فراشه؟ربما يكون ذلك مرتبطاً زمنياً بالجرائم التي تحصل,ولكن المهم أن هنري لا يلعب أي دور في هذا الصراع , بل يكتفي بالمشاهدة الأمر الذي قد يؤدي إلى تداعي تصورات ورؤى تحليلية كثيرة إلى ذهن اللاعب,مع التقدم في اللعبة أكثر, نكتشف أن ذلك الشخص الذي كان يسكن قبل هنري في الشقة هو صاحب المذكرات (جوزيف شرايبر) وأنه كان قد أغلق الباب على نفسه لمدة طويلة جداً , ولم ير بعد ذلك أبداً حتى بعد أن تم فتح الباب, قد يكون هذا هو الخيط الذي يقود اللاعب إلى اكتشاف الحقيقة, فجوزيف شرايبر صحفي كان يجري تحقيقاً صحفياً حول جريمة أحد المجرمين المتسلسلين ويدعى والتر سوليفان, فسوليفان كان يترك دائماً أرقاماً تسلسلية على ضحاياه تنتهي بــ ..121 إشارة إلى رقم الضحية من أصل 21 ضحية ينوي قتلها,الذين راحوا ضحية لجرائم والتر بلغ عددهم عشرة أشخاص قبل أن يتم القبض عليه ثم ينتحر في زنزانته, الأمر الغريب الذي حصل هو أن الشرطة بعد 3 سنوات من انتحار والتر بدأت في اكتشاف جثث أخرى وقد كتب عليها نفس الأرقام الخاصة بوالتر سوليفان وقد وصلت إلى العدد 13, مما دعا الشرطة للقول بأنها مجرد تقليد لجرائم والتر البشعة, ولكن جوزيف لم يقتنع بما تقوله الشرطة, وبدأ في تحقيقه الخاص,ثم مع الوقت بدأ هذا العمل التحقيقي يستحوذ عليه ويطارده ويسيطر على أفكاره, حتى أنه نبش تاريخ والتر سوليفان منذ مولده وحتى مماته مما خوله معرفة الدوافع والأسباب وراء قيامه بهذه الجرائم, وهو ما يستحوذ على القسم الأكبر من اللعبة , بل يمكننا القول بأن والتر هو محور القصة الأساسي.قصة سوليفان كما يلخصها جوزيف شرايبر في مذكراته هي أن والتر سوليفان تركه أبواه في الشقة رقم 302 مباشرة بعد ولادته , وهي نفسها الشقة التي يقطنها هنري حالياً, أول من وجد والتر ملقىً لوحده في الشقة هو مالكها فرانك صندرلاند(لا تسألني إن كان له علاقة بجيمس الجزء الثاني أم لا ... لا أعرف, ربما), فأرسله مباشرة إلى المستشفى لتتم العناية به قبل أن يرسلوه إلى الميتم المدعو "بيت الأمنية" لتتم تربيته هناك, بيت الأمنية هذا كانت تديره طائفة التل الصامت المنحرفة التي عرفنا عنها في الجزء الأول, فبدأت بتعليم الصغار تعاليم وطقوس ديانة التل الصامت بطريقة وحشية تعتمد على زرع الكراهية في نفوسهم, وبعد أن بلغ والتر السادسة, أخبره أحد أعضاء الطائفة بأنه ولد في الشقة 302 في مبنى مرتفعات أشفيلد , وتم السماح له بالذهاب لعله يجد أمه هناك, لكنه منذ تلك اللحظة ظل يعتقد بأن الشقة 302 نفسها هي أمه, ربما لأن عقله الصغير لم يحتمل حقيقة أن أمه قد تركته, فظل طوال سنوات يسترق النظر نحو الشقة معتقداً بأنها أمه حتى اشتكى منه الناس ومن كثرة مجيئه إلى المبنى, ومع الوقت كان يزداد تأثراً بمعتقدات الطائفة وتعاليمها ,ويحفظ عبارات كثيرة أهمها" هبوط الأم المباركة وتضحية الـ21 " كما يزداد كرهاً للعالم الخارجي والناس عامة , وبعد سنوات غادر الميتم ودخل الجامعة ودرس الطب , وكان الهوس بتعاليم الطائفة المنحرفة ما يزال مسيطراً عليه جنباً إلى جنباً مع كراهيته للناس, فقرر البدء بقتل 21 شخصاً معتقداً بأن ذلك قد يوقظ أمه النائمة أو يساعد في هبوطها كما تقول تعاليم الطائفة المنحرفة. وبعد أن استحوذ هذا الهوس التحقيقي على جوزيف كلياً .. كان سوليفان قد ابتدع عالمه اللاوعي الخاص به ,ابتدعه من خلال أوهامه التي ارتبطت بالهوس والطقوس الطائفية المنحرفة, عالم بديل يجذب ويمتص الضحايا إليه, ومنهم جوزيف شرايبر نفسه بعد أن أغلق على نفسه الغرفة عمداً, وهو ما يفسر اختفاءه من الغرفة التي كان فيها , والجميل هنا ليس أن هنري تم امتصاصه إلى هذا العالم أيضاً فقط, بل أن هنري (الذي يفترض به أن يكون بطل اللعبة)مجرد شاهد على موت بعض الأشخاص الذي تم اعتبارهم تضحيات للأم المباركة في عالم والتر, وذلك حتى يأتي دوره هو وجارته الفتاة إيلين في الموت , فيقرر فعل شيء وتغيير خطة والتر لإنقاذ نفسه مع إيلين,ومن خلال عالم والتر أصبح الخيال المجرد واقعاً من لحم ودم, قد يتفق البعض أو يختلفون في مدى اتقانه أو مطابقته الواقع الحقيقي, ولكنه موجود,وتم تجسيده بطريقة عجيبة أقرب إلى الإيحاء, وهذا المفهوم يزداد عمقاً عندما ندخل إلى تفاصيل الدراما , أي عندما يتوغل هنري في عالم والتر أكثر وأكثر , وعندما تبدأ الأشباح في غزو شقته والدخول إليها تدريجياً , ويبدأ رحلة الدفاع عن نفسه ومحاولة الهرب مع إيلين من عالم والتر, وعندما يعرف هنري أن إيلين متعاطفة مع والتر, يدخل في معركة أخرى من أجل إقناعها بالهروب , إيلين التي عرفت والتر الصغير من زمن بعيد كما تحكي مذكرات والتر, مستعدة للتضحية بنفسها من أجل إكمال طقوس التضحية, ورغم غياب دافع قوي ومقنع إلا أنها تجر هنري معها, هنري الذي أصبح هو الآخر مستعداً للتضحية بحياته من أجل "العيش مع إنسان" مرة أخرى, ومن أجل إيلين, لأن حياته لا تساوي شيئاً عندما يكون وحيداً, وهكذا فإن إرادة والتر التي تسيطر على إيلين تجر الاثنين(إيلين وهنري) نحو الموت. إن هذه النهاية المنطقية تنزع عن اللعبة قناع النهايات التقليدي وتنطلق بها إلى مستوى فني يعطيها الأحقية بالتفرد في مضمونها ودلالاتها, فلأنها نهاية حزينة وسوداوية في ظاهرها, إلا أننا نرى الصبي الصغير والتر سوليفان وقد اجتمع بأمه أخيراً , ونرى الفتاة إيلين وقد ضحت بنفسها من أجل حلم صبي صغير بالالتقاء مع أمه والتحقت بالضحايا السابقين برضاها, وكذلك نجد بطل اللعبة وقد قاد نفسه إلى الهلاك مع من يحب بعد أن أدرك حقيقة نفسه التي لا تطيق العيش بمفدرها, إذاً هي نهاية سعيدة وحزينة معاً, لا تفاجئ اللاعب بتحول درامي عنيف كما تعتمد على حبكة شديدة الاتفاق فيها بعض التعقيد البوليسي, والحقيقة أن اللعبة حافظت على حالة من الشجن الغامض والحزن التي تصيب اللاعب في أجواء اللعبة. وتبدو شخصية هنري بطل اللعبة –وتلك هي المفارقة- غير فاعلة في دراما اللعبة لكن ظهوره من بداية القصة إلى آخرها أسهم في ربط الأحداث والشخصيات-التي تتضمن أكثر من عشر وربما أكثر من القصص التي تدور في عالمين مختلفين- , ولنتأمل علاقة بطل اللعبة بشخصيتين أساسيتين, أولهما جوزيف شرايبر , الرجل الذي كان يقطن الشقة قبله وكيف كان هنري يتلقى مذكراته وكأنه يتلقى الحكمة كما قالت عنه بطاقة الجريمة المعنونة الخاصة به , وقبل أن نكتشف الحقيقة , وعندها كنا نتساءل أسئلة منطقية تتعلق بالخيال العلمي وغيره, لكن الأمر يختلف هنا تماماً إذ إننا أمام فرضية درامية يسهل على اللاعب استيعابها وهو الذي يحمل في وجدانه ذكريات"الأجزاء الثلاثة السابقة" الحافلة بمثل هذه الافتراضات الخيالية عبر أزمنة وأمكنة وعوالم مستحيلة, حتى إن لم يكن لها تفسير, بل علينا أن نقول أن سحرها ذاته ينبع من عدم وجود تفسير عقلاني, وبعد أن يدرك هنري أن فجوة زمنية تفصل بينه وبين جوزيف وأنه يعيش الآن ذكريات جوزيف, ندرك معه المغزى من تبادل الأفكار عبر الرسائل الحمراء من تحت الباب في حوار من طرف واحد يتيح لنا الدخول إلى عالمهما الخاص بهما , وعالم والتر الذي يربطهما معاً.ثم هناكً العلاقة شبه الرومانسية التي تربط هنري وإيلين, وكيف نزعت اللعبة عن الشخصيتين جوهرهما الرومانسي, ونحن نعلم تماماً أن الشخصيات الرومانسية يتصرفون على نحو لا يخضع للمنطق الواقعي ومختلف عما يحدث في الحياة , فإذا ما وجد كل منهما الآخر تركا العالم جانباً ولم يفكرا إلا أن يكونا هما ذاتهما "العالم" أيا كانت التضحيات, والواضح أن هنري وإيلين لم يعطيا في القصة الحق في فعل ذلك ولم نر أنهما لا يهتمان بأي شيء في داخل العالم الفني إلا عواطفهما الجياشة تجاه بعضهما, وفي العادة فإن مثل هذه القصص تنتهي بالضرورة بلقاء الحبيبين ويقائهما معاً على قيد الحياة, وهو عكس ماحصل في اللعبة , فتم نزع الجوهر الرومانسي, والإبقاء على فكرة حاجة كل منهما إلى الآخر حيث بقيت النهاية عند أزمة الشخصيتين الذين لدى كل منهما ما يؤرقة كفاية, فالأهم هو تلك الحالة من الشجن والوفاء, وهو ما أعطى اللعبة قصدها الفني تماماً.
..انتهى..

قصة مرعبة بحق ....


الجزء الثالث ॥(جيد)




تبدأ أحداث القصة بكابوس مزعج لبطلتنا الجديدة هيذر لتستيقظ بعد ثوان وتجد نفسها في المركز التجاري الذي تعمل فيه , الحياة تبدو طبيعية جداً , تقابل هيذر المحقق دوغلاس الذي يظهر فجأة أمامها ليخبرها بضرورة التحدث , إنه أمر مهم وعن والدتها كما يقول , ولكنها لا تبالي وتغافله بدخول حمام السيدات , لتدخل بذلك العالم الآخر , البداية بنقش جداري باللون الأحمر يذكرها بشيء ما ويذكرنا جميعاً بنقش سامؤيل من الجزء الأول, ثم بتواجد أحد الوحوش الغريبة والمكان الخالي من الناس , وأخيراً المرأة ذات الرداء الأسود كلوديا التي تتكلم عن الفردوس والقوى الكامنة وتقول لهيذر أن تنتظرها عندما يولد الفردوس بيدان ملطختان بالدم ..وتريد منها أن تتذكر شيئاً ما. يبدو أنها شخصية تشبه داليا في كل شيء. وبالتحديد ما يختص بالحديث عن آلهة وغيرها. وقد تركت هيذر تتساءل عن سبب الوحوش وعدم وجود بشر وغيرها من الأسئلة المربكة والتي يبدو أننا اعتدنا عليها عند بداية دخول كل جزء من أجزاء اللعبة , تكمل هيذر رحلتها في العالم الآخر لكي تكتشف الكثير من الحقائق عن نفسها وماضيها وعن أبيها الذي نكتشف في سياق اللعبة أنه هاري ميسون بطل الجزء الأول والذي هرب ممسكاً بفتاة صغيرة بعد نهاية الجزء الأول , واتضح أيضاً أن تلك الفتاة كبرت وأصبحت الآن بطلة الجزء الثالث .بعد الكثير من الأحداث المتشابهة والتي تمر عليها هيذر في العالم البديل , تلتقي بشاب يدعى فينسنت ويدعي بأنه إلى جانبها ولا يحب كلوديا , ومنذ اللقاء الأول مع فينسنت سيحتل مع كلوديا مركز الحبكة في هذه القصة , جنباً إلى جنب مع ذكريات وأحداث سابقة من الجزء الأول. وتبدأ اللعبة في إدخال الخيوط الدرامية على القصة بدأً بالعقدة الرمزية بموت هاري ميسون في مشهد محزن حيث تدخل هيذر إلى البيت عائدة من المركز التجاري لتجد أباها ملقىً على الأريكة والدماء تملؤ جسده, وقد ترك لها مذكرة عبارة عن رسالة يشرح فيها ما حصل منذ نهاية الجزء الأول حيث ظلت القصة وملابساتها طي الكتمان .
تنقل اللعبة إذاً أحداث القصة إلى الزمن المعاصر بعد 17 عاماً من نهاية الجزء الأول حيث عرفت هيذر حقيقة نفسها وقد اتجهت الآن إلى التل الصامت لتنتقم من كلوديا التي قتلت أباها باستخدام أحد الوحوش من عالمها الخاص , وكلوديا هذه هي نفس الفتاة التي كانت تلعب مع أليسا في المدرسة كما جاء في أحداث الجزء الأول وقد كبرت الآن وتعلمت كثيراً من داليا و بدأت البحث عن هيذر مباشرة بعد موت داليا لتعيد فكرة ولادة الآلهة من جديد, وإذا كان من السهل تصديق البديهة الأولى والتي تقول بأن هيذر ابنة هاري فإننا سوف نقول حتماً بأن هذه الثانية ليست إلا محض مصادفة وافتعال لكي تمضي أحداث القصة إلى الأمام(فماذا لو لم تكن كلوديا صديقة قديمة لأليسا وتعرف هيذر جيداً على أنها هي أليسا؟!) , ولكننا لا ننكر هنا أنها فكرة لامعة أن تعتمد اللعبة في قصتها على أحداث وشخصيات سابقة ولا ننسى أيضاً أن روابط شخصيات هذا الجزء تم استنباطها من خلال أحداث الجزء الأول شديدة الغموض,والتي وجدت اللعبة فيها أرضاً صلبة تقف فوقها,وذلك بعد أن تركت أسئلة كثيرة استعصت على الكثيرين ,كما أن البعد الزمني الذي يفصل بين الجزئين والشحنات العاطفية الكبيرة تجاه الجزء الأول لعبا دوراً محورياً في تقبل اللاعبين لتلك الفكرة خاصة بعد ابتعاد الجزء الثاني كثيراً عن هذه العلاقة التي تربط اللاعب بالقصة.
تتتابع الحقائق التي تشير إلى أن هيذر هي ذات أليسا الحقيقية وهذا ما تقوله كلوديا بدعوى أن مراسم ولادة الآلهة في الجزء الأول قد فشلت وأن هاري قد أخذ أليسا (هيذر) بعيداً وكان البحث لا يزال جارياً حتى هذه اللحظة, وقد تم تكليف المحقق الخاص دوغلاس بالبحث عن هيذر , ولا تنسى اللعبة طبعاً أن تحشر لنا إيضاحات وتبريرات لأحداث قام بها هاري قديماً(نهاية الجزء الأول)حيث يذكر في رسالته لهيذر أن وجودها كان متعذر التفسير ولا يعرف لماذا قبل بها أصلاً وأنه يرتاب في كل مرة ينظر إليها حتى أن فكرة قتلها راودته كثيراً . كذلك عندما نعرف أن هاري كان يظن بأن الآلهة التي كانت في جسد أليسا آلهة شريرة وهو ما دفعه للقتال أكثر, بينما هي آلهة التل الصامت التي ستجلب الفردوس كما تدعى طائفة داليا وكلوديا.
وفي طريق هيذر للبحث عن كلوديا تجد في طريقها عوائق ومطبات كالعادة إلا أن فينسنت يظهر في كل مرة ويدلها على مكان كلوديا , وفي خضم هذه الأحداث تتخبط هيذر بين العالم البديل والعالم الطبيعي, وترى وحوشاً وعلامات تقول بأنها تعرفها ولكن لا تستطيع التذكر تماماً وفي بعض الأحيان تعاني من صداع شديد في رأسها في مشاهد لا تخلو من لمسات مرعبة بحق يشعر اللاعب معها بأن هناك قوىً غامضة تريد أن تسيطر على جسدها , وتبدو هيذر في أكثر هذه الأحيان وكأنها في صراع مع ذكرى قديمة يبدو أنها سكنت جسدها منذ ولادتها من رحم الشيطان,حيث تقول أليسا بأن هذه الذكرى ليست سوى ذكرى أليسا وهيذر هي من سيلد الآلهة التي تختبئ فيها منذ زمن .
بعد فترة قصيرة تأتي اللعبة إلى مشهد النهاية الذي يجتمع فيه فينسنت مع كلوديا في الكنيسة حيث نعرف أن فينسنت كان لجانب كلوديا منذ البداية ولكن خلافاً نشب بينهما مما اضطر فينسنت لنعت كلوديا بالحقيرة وذلك بعد دخول هيذر إلى المكان , يظهر فينسنت في هذه اللحظات الوجه الآخر لعلاقته مع كلوديا ويدير ظهره لها طالباً من هيذر أن تقتلها, ولكن كلوديا تطعن فينسينت في الظهر في حركة مفاجئة وغير متوقعة , ثم تجهز عليه بطعنة قوية موجهة إلى القلب بلا رحمة , وتدخل هيذر في معركة مع كلوديا التي اكتشفت أن هيذر لا تريد ولادة الآلهة فكلفت هي نفسها بذلك وبلعت ذلك الشيء المقزز وتحولت إلى مسخ كبير لتقاتله هيذر وتقضي عليه وتنهي جميع أحلام كلوديا بالحصول على الفردوس والنعيم كما كانت تدعي, وتنهي بذلك أيضاً جميع مشكلاتها مع العالم الآخر البديل وذكرى ذاتها القديمة وتعيش حياةً هانئة من الآن وصاعداً. وينتهي بعد ذلك الخط الدرامي القصير للقصة بعد أن كانت المراحل الأخيرة تمضي في تصاعد مستمر ومشوق لكنه لا يخفي هشاشة حل العقدة وخيبة أمل اللاعب فيها , وهو حل العقدة على الطريقة التقليدية عندما يكون بطل اللعبة هو أكثر الشخصيات براءة ونقاوة وأحقية في العيش بعد كل تلك المصاعب التي واجهها. أما لماذا قام المجرمون بكل تلك المتاعب والمصائب فهذا أمر أكثر افتعالاً ويبدو أنه ينتمي إلى قصة أخرى تماماً خاصة عندما يكون بطلة اللعبة فتاة عوضاً عن رجل, وعندما تموت الشخصيات الموجودة في اللعبة جميعاً بعد أن أصبحت دراما اللعبة سباقاً بين كلوديا وهيذر , لذا لن يجد اللاعب في هذا الصراع الكارتوني إلا المسكين فينسنت الذي يضفي وحده بعداً إنسانياً على الحبكة .
قد تكون هناك ملاحظات عدة على اللعبة لأنها لا تذهب لآخر الشوط في الدراما والحبكة الفنية, لكن حضور شخصيات ذكرت من قبل في الأجزاء السابقة أو على الأقل لها علاقة سابقة يضفي الحيوية والتجدد إلى القصة , إضافة إلى دقة اختيار الأماكن مثل المستشفى والكنيسة وغيرها, وربما لم يكن هناك الكثير من الإبداع عند كتاب السيناريو ليضيفوه إلى الحبكة الأصلية , كما لم يظهر توهج فني أو درامي يوازي الفكرة المطروحة ويمد اليد نحو معايشة حالة إنسانية محددة بهدف التوحد مع صاحبها أو حتى الإحساس بالعاطفة السلبية أو الإيجابية تجاه أي من الشخصيات, لكن اللعبة تحقق أهدافها على نحو شديد النعومة , فالقصة تهدف إلى إيصال فكرة محددة وبث الرعب في وجدان اللاعب بطريقة جيدة ومدروسة دون فجاجة أو مبالغة , وهذا ما يخفف كثيراً من الإحساس بأن الحبكة تفتقد التشويق.
والسبب ربما وراء خيبة الأمل في القصة أن اللعبة مضت في مشاهد مؤثرة ومتناثرة إلى النهاية بعد أن احتشدت اللعبة بالمشاهد الحوارية جنباً إلى جنباً مع المذكرات والملاحظات واليوميات الكثيرة والمنتشرة في كل مكان , وهو ما يدل على أن صانعي اللعبة كان لديهم الكثير من الأفكار والمشاريع التي أرادوا حشرها في هذا الجزء ودمجها مع بعضها لتشكل القصة النهائية وفي نفس الوقت حاولوا الاستفادة من التلميحات والإشارات التي تمت مشاهدتها في الجزئين السابقين لربط كل شيء معاً , لكن هذه الإشارات بقيت مجرد شذرات لا تربطها رؤية كلية, وتم التغلب على هذه المشكلة بافتعال قصة مختلفة قليلاً مع نهاية طبيعية جداً في انتظار الجزء القادم لوضع باقي الأفكار قيد التنفيذ, وهو ما قد يفسر ربما استعجال إصدار الجزء الرابع بعد فترة قصيرة من إصدار الثالث.

رحلة داخل عقل مجرم


الجزء الثاني...



صراع داخل عقل مجرم॥(ممتاز)جيمس صندرلاند أحد زوار مدينة التل الصامت القدامى فقد كان يرتادها مع زوجته قبل أن تموت بسبب مرض خبيث أصابها। يقرر جيمس أن يزور المدينة مرة أخرى ليس لغرض السياحة هذه المرة ولكن لأنه تلقى رسالة يقول صاحبها بأن جيمس قد وعده مرات عدة باصطحابه إليها ولكنه لم يفعل, صاحب الرسالة يذكر أنه اليوم هناك في تلك المدينة وحيد وينتظر جيمس في مكانهما الخاص।رسالة لا تدعونا إلى التساؤل عن كاتبها بقدر ما تدعونا إلى تخمين كاتبها, وذلك قبل أن نكمل قراءة الرسالة لنجدها مذيلة باسم ماري صندرلاند , زوجة جيمس الميتة। جيمس متواجد الآن في استراحة على مشارف مدينة التل الصامت يحاول إقناع نفسه بأن ما يفعله معقول وأن زوجته من الممكن فعلاً أن تكون موجودة هنا ومنتظرة إياه , ولكن جيمس يبدو عليه الحزن واليأس منذ البداية, وبين مد وجزر في تصديق الرسالة وعدم تصديقها يبدأ جيمس رحلته في البحث عن زوجته وهو غير مقتنع تماماً بما يفعل وغير عارف بما هو مقدم عليه। فمن هنا نرى البداية المشوقة التي لا يسع اللاعب أو المشاهد تجاهها إلا أن يشمر عن ساعديه ويبدأ في البحث والاستقصاء ويتابع مع اللعبة ما يمكن أن يحصل بعد ذلك من أحداث , لعله يكتشف في النهاية أن جيمس مجنون أو أن زوجته لم تمت أصلاً , أو أن جيمس كذاب أو مختل عقلياً ولم يتلق رسالة من الأساس , فكلها نهايات ممكنة ومعقولة تماماً ।تبدأ اللعبة في دخول عالمها الدرامي مباشرة بعد مشهد البداية الذي يقف فيه جيمس ليروي سبب قدومه إلى هنا وسبب تغير وتأرجح رأيه بين الشك واليقين ويبين الإغراءات والدوافع التي تحركها الذكريات والعاطفة العمياء في أن زوجته التي أحبها تنتظره وتريده إلى جانبها, وفي مقابل ذلك برهان العقل الرادع وقوة المنطق السليم في أن الميت لا يمكن أن يكتب رسالة । وكأن اللعبة تضعنا منذ اللحظة الأولى في موقف التوحد مع الشخصية الأساسية.ثم من خلال صراع العقل مع العاطفة تؤسس اللعبة جوها الخاص وتضع محور القصة الأساسي في الواجهة بطريقة عوجاء وملتوية ولكن مميزة, حيث تبدأ أشياء غريبة ومبهمة في الظهور , الوحوش غريبة الأشكال والدماء والجثث المنتشرة في كل مكان والعالم الغريب , ولكن جيمس لا يبالي بكل هذا , تماماً مثل هاري ميسون , من شدة الشغف والشوق للقاء الشخص الذي يبحث عنه لم يعد يكترث بكل ما يصادفه من أهوال قد يبدو منذ الوهلة الأولى أن جيمس لا يفهم منها شيئاً , ولكن قد يبدو لصاحب النظرة الفاحصة والمتمعنة أنها ليست إلا مقدمات للخط الدرامي الطويل الذي تدور حوله أحداث القصة, وذلك لحين اكتشاف حقيقة جيمس عند النهاية . جيمس الشخصية المهزوزة منذ البداية يكمل مسيرته إلى المكان الخاص الذي ذكر في الرسالة , وفي رحلته يلتقي العديد من الشخصيات أكثر من مرة , أنجيلا الفتاة الخائفة التي لم تستطيع العثور على عائلتها حتى الآن ويبدو أنها متوترة وبينها وبين نفسها تبحث عن مبرر لقدومها إلى هنا , وإيدي الذي يبدو هو الآخر غامضاً إلى حد كبير ,والفتاة الشقية وغريبة الأطوار لورا, ثم ماريا التي تشبه ماري كثيراً , ومن خلال لقاء جيمس مع هذه الشخصيات بالتعاقب تبدأ الحقائق بالتكشف شيئاً فشيئاً , حقيقة جميع الشخصيات وحقيقة المكان والعالم الغريب بطريقة تدريجية وسلسة. يكتشف جيمس في البداية أن شيئاً ما جذبه إلى المدينة كما جذب إيدي وأنجيلا , كما أن الشخصيات التي يقابلها تحاول إقناعه بأنه هارب من شيء ما ولكنه غير مقتنع تماماً , إنه مجرد استنتاج مبدأي وجيمس غير مستعد للتخلي عن أمله في العثور على ماري بهذه السهولة , فالأمنيات الوهمية والتي افتعلها جيمس بنفسه والمبنية على أساس العاطفة لا تزال تسيطر على تفكير جيمس وتجبره على إنكار استنتاجات واقعية ربما تجره إلى مخاوف قديمة . جيمس يجد ماريا ويتعلق بها, ومنذ لحظة لقاء جيمس بماريا تدخل اللعبة مرحلة جديدة من الغموض يجدها اللاعب في أغلب الأحيان كأنها وهمية تخيلية وأشبه ما تكون بالمنام أو الحلم ومليئة بالرموز والدلالات. فماريا تشبه ماري تماماً وجيمس يريدها إلى جانبه كما يريد إكمال بحثه عن ماري أيضاً, لقد اختلطت الأمور بالنسبة إليه , ولم يعد يعرف هل يصدق ماريا التي تقول بأنها هي ماري "كما أرادها" أم يصدق قلبه الذي يدفعه للبحث عن ماري التي ماتت . يتم اغتيال ماريا أمام عيني جيمس وبطريقة مخيفة على يد أحد الوحوش ويعجز جيمس عن إنقاذها, وتختلط مشاعره مرة أخرى ويأخذ تفكيره في التذبذب بين الحسرة على ماريا والحنين لملاقاة ماري التي لا يزال يعتقد بأنها تنتظره , وحتى الآن الملامة بادية على وجهه وعليه أن يفعل شيئاً ما حتى يصل إلى ماري .وبينما هو يكمل بحثه في المدينة, تقوده قدماه إلى سجن قديم ويجد ماريا في إحدى الزنزانات وهي على قيد الحياة ولم يصبها أي مكروه, فيستغرب جيمس من هذا الأمر بطبيعة الحال كما أن ماريا هذه المرة تبدو مختلفة تماماً , تتحدث عن أشياء لم يعرف بها غير جيمس وماري فقط, وما يثير الاستغراب والتساؤل أكثر هو أن ماريا تصر على أنها ليست ماري ولكنها ستكون ماريا إذا أرادها جيمس أن تكون كذلك, وما قام به الآن لم يكن غريباً أبداً حينما طلب إجابة مقنعة فهو دائما مشوش وكثيراً ما يخلط الأمور ببعضها, ولكنه أصر على التوجه مباشرة للطرف الآخر من الزنزانة , وهذا يعني أن مخاوفه بدأت تتبدد وبدأ في التفكير على نحو مختلف ,ففي البداية أراد ماري, ثم ظهرت له ماريا ولم يقبلها, وها هو الآن يجد ماري وليست ماري القديمة , بل ماري جديدة , كما يريدها ويتمناها لا كما يتذكرها , وهذا بحد ذاته انعطاف جذري نحو حلم جديد بدأ يدغدغ مخيلة جيمس وتحد كبير لمطالب وأهداف جيمس منذ بداية المغامرة, ولكن هذا الحلم يتم اغتياله بسرعة عندما يصل جيمس إلى الزنزانة ويكتشف أن ماريا قد تم قتلها بطريقة وحشية ومؤلمة . وكأن اللعبة تمنح الفرصة للاعب بأن يتساءل بينه وبين نفسه عن سبب تعاطفه مع جيمس وتعلقه بحلم مؤقت حتى النهاية ,حيث يجد اللاعب نفسه في موقف وقد انجذب بسذاجة وراء خدعة تناقضات ذكية تجبره على التخلي عن قواعد المنطق الواقعي لكي يستمتع بالموقف, وعلى الرغم من أنه موقف مركب ومصطنع لفكرة واقعية وهدف أسمى, إلا أنه نجح فعلاً في أن يقهر اللاعب بجعله يشعر بالحزن والمرارة على ضياع الحلم وفي نفس الوقت يشعر بالغضب والمقت لموت ماريا "مرة أخرى" , وهذا ما جعل الموقف يستحق الإطراء بقدر ما يستحق التأمل.يمضي جيمس في مسيرته وقد فقد هذه المرة كل أمل بالعثور على ماري, واقتنع تماماً بأن شيئاً ما قد جذبه لهذه المدينة لأجل أن ينتقم منه أو يعذبه , لقد كان اليأس والأسى قد سيطرا على تفكيره عندما وصل للفندق الذي كان يقيم فيه مع ماري قبل أن تموت, ليجد رسالة وقد كتب عليها "أنا بانتظارك" , فيعتقد بأن هذه الرسالة أيضاً من ماري الميتة ويذهب إلى الغرفة ليجد شريط فيديو يكشف لنا الحقيقة كاملة. يظهر الشريط صورة ماري وهي تضحك وسعيدة بالحياة الهانئة التي عاشتها في التل الصامت , ثم تختفي تلك الصورة وتظهر صورتها وقد أفسدها المرض وأنهك جسمها العلاج الذي لا فائدة منه, ثم يظهر جيمس ممسكاً بالوسادة التي كانت تحت رأس ماري واليأس يعتصر جسمه ثم يكتم أنفاس ماري حتى تموت .هنا النهاية غير المتوقعة والتي لم تكن في الحسبان حيث اتضح أن جيمس كان قد قتل زوجته قبل أن يأتي إلى التل الصامت , لا يهم إن كانت قد ماتت قبل 3 سنوات أو 3 أيام أو أسبوع , المهم أنها ماتت , وجيمس نفسه هو من قتلها. واتضحت حقيقة أوهام جيمس وكذبه واتضح فعلاً أن الميت لا يمكن أن يكتب رسالة. إنما يبدو أن شيئاً ما أراد أن يعذب جيمس على فعلته فاستدرجه إلى هنا بحجة الرسالة, ويبدو أن جيمس قد حزن جداً على موت ماري وتمنى لو أنها تعود , لذا صدق الرسالة ونسج أحلامه عليها .إنها نهاية بسيطة وتتسم حقاً بقدر من الواقعية حيث نجد أن اللعبة نجحت في مد جميع الخطوط الدرامية إلى النهاية, وبالأخص في ما يتعلق بقصة جميع الشخصيات المتواجدة في اللعبة(حيث تم استدعاء إيدي وآنجيلا وماريا إلى المدينة كل لغرض معين) والتي في الواقع توازي القصة المحورية للبطل وتغذيها وتخدمها. وإذا ما نظرنا بتأمل إلى الأحداث التي وقعت منذ لقاء جيمس الأول مع ماريا وحتى نهاية اللعبة, نجد التوتر الدرامي حاضراً بقوة من خلال لقاء جيمس مع إيدي وآنجيلا وماريا واحداً تلو الآخر وبأدوار متعاقبة وبناء سردي متواز أشبه ما يكون بجلسات محاكمة يحاول فيها جيمس معرفة ما يحصل وتبرير أفعاله بينما ينتقده كل واحد منهم أو يذكره بحقيقة نفسه بطريقة أو بأخرى.وقد يمكن أن نعتبر هذه محاولة للإيحاء بأن جيمس هو المذنب , ولكن على الرغم من صعوبة التخمين إلا أن اللاعب ينتقل شيئاً فشيئاً من رفض ما يفعله جيمس إلى الإيمان به , وهي حيلة درامية ذكية لا تخلو من الخبث من جانب صناع اللعبة لكي يجعلوا اللاعب أقرب إلى التعاطف أو التوحد مع المجرم. هناك أيضا ًقراءة أخرى لما بين السطور تدعو للقول بأن نهاية اللعبة مفتوحة وتحتمل أكثر من تفسير, حيث تعمد صانعوا اللعبة أن يتركوا الباب مفتوحاً للاعب لكي يفسر على طريقته إذا ما كان العالم الذي تدور حوله أحداث اللعبة واقعاً أم خيالاً وذلك من خلال إدراكك لموقفين,الأول :هو واقعي إذا أدركت أن قوى الظلام الخاصة بالتل الصامت والتي لا ترضى بالظلم هي من أرسل الرسالة لجيمس ليقع في الفخ ويأتي على قدميه . الثاني : هو خيالي إذا أدركت أن كل ما حصل من نسج خيال جيمس وأنه لم يتلق أي رسالة , بل تخيلها تخيلاً وذلك بسبب الهلوسات التي أصابته بعد موت ماري فأصبح يعيش في عالم اللاوعي. خيط رفيع بين الحقيقة والخيال هو عالم اللاوعي وهو السر الذي يجعل اللعبة تبدو أشبه بالحلم ويعطي الشخصيات في القصة صفات تجعلها غير واعية في تصرفاتها وأشبه بالنائمة عند التعامل مع معطيات القصة ومتطلباتها, وعند ذكر الحلم والمنامات في اللعبة يتبادر إلى الذهن المعنى الحقيقي للحلم ولا بد من التوضيح أن الحلم قرين النوم الاعتيادي الذي يزاوله الإنسان ليل نهار , غير أن المفهوم في اللعبة يتجاوز ذلك , والإشارة هنا أننا في الحياة العادية نعيش شكلاً من أشكال الغفلة والجهالة وأننا في بعض المواقف نزاوج بين الرؤية واللارؤية , بين المعاينة للحقيقة , والسباحة في الخيال , بل إننا نعيش مرات كثيرة ما يمكن تسميته بنوم اليقظة.ولربط هذا المفهوم بمضمون اللعبة , نرى أنه يتناول أيضاً نسبية اليقظة, فاليقظ نائم ضمناً لأنه لا يرى كل شيء فيما يتوهم أن حواسه تسعفه لرؤية كل شيء والإيمان به وتصديقه بلا جدال , وهذا أمر غير وارد, والدليل البسيط أننا لا نستطيع قراءة المستقبل الداهم الذي يأتينا كالسيل الدافق في كل لحظة وثانية, وأننا لا نستطيع معرفة ذواتنا بالرغم من أن أجسادنا الفيزيائية تحمل هذه الذوات, وما بدا واضحاً على جيمس في اللعبة لم يكن بعيداً عن هذا المعنى حيث يتناوب جيمس شكلان من الإبحار في المجهول, الأول يتعلق بأضغاث الأحلام التي تعبر في الجوهر عن أوهامه وقلقه الداخلي وتشظياته ومخاوفه المعنوية, ولا تؤدي إلى رؤية حقيقية, والشكل الثاني يتمثل في الرؤيا التي تكون نقية صافية كفلق الصبح, وفيها يبحر تفكيره فيما يتجاوز النوم الاعتيادي إلى المنام أو الحلم حيث يمكنه معانقة شكل من أشكال الحكمة المدفونة في تلافيف دماغه ومشاهدة بعض من الغوامض والأسرار التي لا يريد عقله الباطن أن يكتشفها بسبب العاطفة التي تسيطر عليه وتريد هي الأخرى استرجاع ذكريات قديمة وجميلة بأي ثمن. حتى إن اللاعب لا يكاد يدرك ذلك الخط الفاصل بين الواقع والحلم (العالم البديل والعالم العادي )أو بين الحقيقة والخيال.والمزج بين الحقيقة والخيال هو جوهر اللعبة وهو الأمر الذي يدركه اللاعب تماماً بعد أن تكون اللعبة قد أشرفت على الانتهاء وبعد انتهاء الصراع , فالصراع هنا ليس بين جيمس وماريا أو ذا الرأس الهرمي أو غيرهما, إنه صراع بين العقل والعاطفة في داخل جيمس, ويلعب عالم اللاوعي الدور الرئيسي في ربط الأحداث والشخصيات , والسبب المباشر في تأجيج المشاعر وأرجحتها بين الإيجاب والسلب .ولقد استفادت قصة اللعبة كثيراً من تناقض حكاية الجزء الأول مع أبعادها المعنوية, حيث نجد أن قصة الجزء الثاني نجحت في ترسيخ نفس الفكرة لتتطابق مع الأبعاد المعنوية والإنسانية لها ولو بطريقة استغلالية.والفكرة كانت تقضي وتقول بأن التل الصامت به شيء غير عادي وفوق الطبيعة, حتى إنه أصبح يملك قوة تمكنه من أن يعاقب ويضرب بل ويخلق أناساً تلبية لرغبات أناس آخرين.ولعل أجمل ما في قصة اللعبة أنها تجعل حياة إنسان واحد تكفي لكي تكون سبباً جوهرياً لهذه الرحلة الطويلة التي تسعى إلى العدالة الشرعية , إنها رحلة بين عالمين مختلفين, لكنها أيضاً رحلة داخل النفس البشرية , حافلة باكتشاف أبسط الحقائق التي كادت تغيب عن أذهاننا.








الأحد، 3 فبراير 2008

الجزء الأول من التل الصامت



الجزء الأول...



عندما يغلب الافتعال على الفكرة॥(ضغيف,مقبول)
هاري ميسون رجل بسيط وعادي جداً । يذهب مرة إلى مدينة التل الصامت مع زوجته فيجدا طفلة صغيرة على حافة الطريق। أخذها هاري وتبناها وأسماها شيريل । أحب هذه البنت الصغيرة كثيراً

وخاصة بعد وفاة زوجته.أصبح هاري الآن وحيداً مع ابنته الصغيرة فلم يبق له إلا هي مما جعله يتعلق بها تعلقاً شديداً جداً لدرجة أنه أصبح يلبي جميع متطلباتها من دون قيد ولا شرط .في أحد الأيام تطلب شيريل من أبيها الذهاب إلى مدينة التل الصامت فيوافق فوراً دون أن يعلم حقيقة هذا الطلب الغريب والمفاجئ بعد أن نسي أنه أخذها منذ البداية من ذات المدينة.وقبل أن يتضح الدافع الرئيسي لرغبة شيريل في القدوم للمدينة في هذا الوقت بالذات , يظهر شيء ما أمام سيارة هاري فيصطدم به وتتدهور السيارة وتنحرف عن مسار الطريق ويفقد هاري وعيه ليستيقظ بعد فترة ويجد نفسه وحيداً في السيارة ويبدأ رحلة البحث عن ابنته. بهذه البداية يستعجل منتجو اللعبة إثارة اللاعب الذي يجد نفسه منذ اللحظة الأولى في قلب الدراما لتتضح جلياً هنا العقدة الأساسية في القصة وهي اختفاء البنت الصغيرة شيريل وبداية دخول هاري لعالم التل الصامت الموحش ومجموعة من الأسئلة تدور في ذهنه, عن سبب خلو المدينة من السكان وعن الوحوش الغريبة التي يقابلها في جميع أرجاء المدينة , وقبل كل شيء ... كيف اختفت ابنته ومن المسؤول عن اختفائها وما سر ذلك الطيف أو الشبح الذي ظهر أمامه فجأة وتسبب في الحادث . يخوض هاري المغامرة الخطيرة متسلحاً بحبه الشديد لشيريل والذي يشكل الدافع الرئيسي في تقدم الأحداث.كما أن هاري مقتنع تماماً بإمكانية إيجاده لشيريل مهما حالت الظروف دون ذلك . فحبه الشديد لها زرع فيه روح اللامبالاة وعدم الاكتراث حتى بالوحوش الخطيرة التي يقابلها , يريد فقط استرجاع ابنته بأي ثمن, نلحظ ذلك من خلال الشخصية الهادئة لدرجة البرود لهاري, والذي لا يكاد يشهد أحداثها مثيرة ومخيفة حتى يزداد هدوءاً ورصانة وكأن شيئاً لم يحصل بينما يفترض به أن يزداد خوفاً أو يبدي على الأقل شيئاً من الامتعاض أو الاشمئزاز من هذا العالم المتبدل والغريب الأطوار , فالبطل هنا يمثل الشخصية التي تسخر نفسها في خدمة الغرض الأساسي من تواجدها في القصة فقط , وهو إيجاد شيريل وتخليصها من جميع الأشرار وقتلهم جميعاً , بدون أن يقحم نفسه في أحداث وغايات جانبية يمكن أن تلهيه عن هذا الغرض , مثل الجندي الذي يخوض حرباً وربما لا يعلم لصالح من. وهو بالتأكيد شخصية استثنائية مدهشة أبدعت كونامي في تصميمها , فبعيداً عن الملامح الجسدية الاعتيادية , جعلت كونامي لهذه الشخصية ملامح نفسية جديدة ومبتكرة من حيث حواراتها وتفاعلها مع الشخصيات الأخرى ومن خلال عدم احتوائها أو لنقل عدم استنتاجها لما يجري من أحداث,نجحت هذه الملامح النفسية لهاري في خلق الجو التشويقي للعبة وللقصة بشكل عام بأحداث متشابكة على غير المعتاد في جميع الألعاب,فكونت الشخصية الانقيادية لهاري , والتي بدورها جعلت اللاعب ينقاد وراء الأحداث الغامضة بدون البحث عن المبررات أو أسباب حصول هذا أو ذاك . <<ربما لأن اللاعب أصبح منشغلاً بالألغاز والوحوش ومحاربة الزعماء والتقدم من مرحلة إلى أخرى, وهذا ما يضعف أهمية القصة بالنسبة لمعظم اللاعبين >> تتشابك الأحداث بعد ذلك وتترابط وتبدأ شخصيات جديدة في الظهور, فيقابل هاري الشرطية سيبل التي تساعده في بعض الأماكن المهمة في اللعبة , ثم يظهر له طيف أليسا في قبو المستشفى وفي أكثر من مكان آخر ويقابل أيضاً العجوز داليا في الكنيسة ثم ما تلبث أن تختفي هي الأخرى وكذلك فعل الدكتور كوفمان. يبقى هاري في حيرة من أمره , أين يذهب ليجد ابنته , ومن من الأشخاص الذين قابلهم يساعده حقاً في إيجادها . وما هو مصدر الوحوش التي يحاربها من حين إلى حين .تبقى هذه الأسئلة بلا أجوبة حتى وقت قريب من النهاية حين يأتي حل العقدة وتبدأ الحقائق بالتكشف دفعة واحدة.فهاري المسكين قد تم استغلاله من قبل داليا في البحث عن ابنتها أليسا , والتي كانت قد هربت من أمها.داليا العجوز هذه تتزعم طائفة دينية منحرفة تؤمن بأن هناك إمكانية لصحوة شيطان نائم عن طريق ربط روحه بروح وجسد بشريين. وقررت استخدام ابنتها البالغة من العمر 6 سنوات أليسا وقامت بشعوذتها وتجهيزها فعلياً لمراسم وضع الشيطان المدعو (سامؤيل) وعزلتها عن حياتها الاعتيادية وأصدقائها . وعندما حاولت أليسا المقاومة, أحرقت داليا عليها البيت وأشاعت بأنها ماتت, بينما كانت تحتجزها في مكان ما تحت مستشفى بروخهافن الذي يديره الدكتور كوفمان والذي كان متورطاً بدوره في القضية مع داليا. اتضح لداليا وطائفتها أن المراسم الشعوذية لإحياء شيطانهم لن تتم إلا بتوافر جسد بشرية أخرى لتندمج مع الروح الأولى التي بحوزتهم ويكونا معاً وعاء لمراسم ولادة الشيطان. فأليسا تحوى النصف الأول فقط من روح الشيطان. لذلك قامت داليا باستدعاء النصف الآخر للشيطان متمثلاً في شيريل ابنة هاري وهذا ما يفسر سبب رغبة شيريل في القدوم منذ البداية, فهي أصلاً ابنة داليا قبل أن تهرب بها الممرضة ليزا وتضعها على قارعة الطريق ليلتقطها هاري, وهي أيضاً تجسيد متكرر لجسد أختها أليسا وكلاهما نتاج شعوذة وسحر داليا . وعند قدوم هاري إلى مدينة التل الصامت تحس أليسا بقدوم نصفها الآخر , فتخرج للقائه, وعند حدوث أول اصطدام بين شيريل وأليسا تختفي شيريل ويبدأ هاري في البحث عن ابنته دون أن يدري أنه يتتبع أليسا , وكلما ظهر له طيف أليسا يتخيل شيريل مكانه . فشيريل لم تظهر أبداً منذ الاصطدام الأول في بداية اللعبة . بعد هذا كله يتضح أن طرفي الصراع الأساسيين هما داليا وابنتها أليسا , وليسا هاري وأليسا كما اعتقدنا, فداليا تحاول الإيقاع بأليسا لتكملة مراسم الشعوذة وولادة سامؤيل منها , وأليسا تدافع عن نفسها مستخدمة القوى الشيطانية التي تكتسبها من نصف روح الشيطان الكامنة بداخلها والتي تخولها إطلاق تلك الوحوش الغريبة التي يقابلها هاري . وهاري المسكين ليس سوى بيدق في يدي داليا تحركه كما تشاء مستغلة شخصيته المهزوزة , فهو لم يرد أن يصدق مسألة اختفاء شيريل من الوجود , و لم يخبر شيريل حقيقة أنها ليست ابنته , كما أنه لم يكن صاحب فكرة تبنيها من الأساس. لتتضح لنا بعد ذلك النهاية السعيدة في ظاهرها والتعيسة في حقيقتها , عندما ينتصر الشر على الخير, وعندما تنتصر الأفكار السوداوية لداليا على الجميع ,فتجبر أليسا أخيراً على الخضوع لمطالب داليا واستكمال مراسم ولادة الشيطان. وينقاد هاري مرة أخرى وبلا رحمة هذه المرة لمعركة مع نفسه , كيف له أن يقتل ابنته التي رباها وأحبها وخاض المعارك لأجلها ,و كيف له أن يتخلى عن هدفه الأساسي في لحظة .ولكن الوقت ربما لا يسعفه للتفكير, فيدخل في معركة مع المجهول, معركة مع الشيطان ومع ابنته...ومع كليهما معاً, يدخلها مهزوماً قبل أن يهزم فعلياً بقتله لابنته. وبعد أن نظن أن الخاتمة هي قتل هاري لابنته تظهر أليسا مرة أخرى لتسلم هاري طفلة رضيعة لكي يربيها ويجعلها مثل شيريل , ولكي تكتمل صورة النهاية السعيدة كاملة يقبل هاري بالطفلة الصغيرة وينطلق بها إلى البيت ليربيها مكتفياً بطرح سؤال ساذج على نفسه " هل ستكون مثل شيريل ؟؟" .غريب أمر هاري فعلاً , فبعد كل تلك المعارك والحروب في سبيل هدف واحد , يتخلى عنه في آخر لحظة ويقبل بأرخص التعويضات , كان الأجدر به على الأقل أن يصاب بنوبة غضب هستيرية ويقتل كل من حوله بلا رحمة,فهو لم يحصل على مبتغاه أبداً, لا من خصمه الشيطان ولا من داليا ولا من العالم البديل الذي كان عدواً له وأصبح في النهاية يثق في قدراته, إنه فعلاً انهزام لروح المقاومة والتحدي لدى هاري , وانتصار لروح السذاجة غير الواقعية . سذاجة قادت إلى انقلاب غير مبرر على مفهوم التضحية في القصة وهو أحد عناصر ضعف القصة , رغم أنها صورت هذا الانهزام بطريقة احترافية لا تخلو من الرمزية.ولكن ...ولأن العبرة بالخواتيم فقد انتهى كل ذلك إلى خيبة أمل في شكل اللعبة ومضمونها على السواء.ما يجعل القصة ضعيفة في نظري هو ما يجعل الخاتمة سيئة للغاية, ومغايرة لنسق الأحداث, فاللعبة جسدت نموذجاً لتلك الأعمال الفنية المصطنعة التي يبذل فيها صناعها جهداً بالغاً للإيحاء بالفكرة المحورية والمغزى المطلوب منها ولكن من دون أن ينجحوا في ذلك نجاحاً باهراً بل بطريقة غوغائية بحتة, ربما لعدم توافر الخبرة لديهم أو ربما لاستعجالهم في تخمين ما يمكن أن يفهمه اللاعب من القصة. فمنذ البداية وحتى الفقرة التي تتضح فيها خيوط اللغز, يبدو الافتعال في استعجال التشويق واصطناع المصادفات دون أن يبذل القائمون على اللعبة جهداً في تأسيس الشخصيات أو تكوين رابط محدد وواضح بينها والأحداث, ولنأخذ مثلاً الدور المناط بالدكتور كوفمان والذي يظهر فجأة في المستشفى أمام هاري ليجيبه إجابات مبهمة عن ما يحدث قبل أن يقرر أن يبقي على حياة هاري في خطوة لا تزيد على اللعبة سوى الغموض , فالدكتور يخوض قصة جانبية مع داليا بعيداً عن القصة الأساسية ويحاول خدمة مصالحة الشخصية , وبالرغم من أن ما يدور بينه وبين داليا يرتبط بماضي مدينة سايلنت هيل إلا أن اللعبة على ما يبدو لم تستفد من ذلك , ولنأخذ كذلك مثالاً آخر وهو مصرع الممرضة ليزا التي لم يستطع اللاعب أن يحدد موقفه منها لأنه لا يعرف بعد إن كان عليه أن يتعاطف مع الشخصية أو يشفق عليها أو يكرهها .وعلى الرغم من الانقلابات الدرامية حول حقائق كل الشخصيات تقريباً , إلا أن هذه الانقلابات لم تضف جديداً لغموض القصة ولم تكن منتمية لعنصر التشويق , بل حولت الصراع الدرامي التقليدي بين الخير والشر إلى حكاية خرافية ساذجة وأنانية تقول بأن مدينة التل الصامت بها شيء غير عادي وفوق الطبيعة .ولكن القيمة الحقيقية للتشويق والدراما في قصة اللعبة تكمن في أنها تطرح على اللاعب أسئلة شائكة، قد يبدو أن اللعبة لا توحي بأية إجابات قاطعة مانعة،وإن كانت في ثناياها تقود اللاعب إلى إجابة بعينها .وذلك ما نسميه بالغموض.
يتبع الجزء الثاني


بانوراما SILENT HILL المقدمة

رؤية فنية, لقصة مميزة
-----------------
وجدت أنه من الضروري أن أنقل بعض كتاباتي القديمة إلى المدونة لكي تصل إليها أيدي متتبعي الألعاب ومعجبيها الذين لا يطيقون الدخول إلى المنتديات،
البداية مع رؤيتي الشخصية لأسطورة عالم الرعب (التل الصامت)
لنبدأ
ظلام وهدوء
ضباب وغموض
أحزان وشجون
حكايات وذكريات
حلقة مفرغة
وطريق مسدود يذكرني بزمن قد مضى
سبع سنوات بالتأكيد ليست كافية لنسيان ما مضى
إنه التل الصامت . المكان الوحيد الذي تعلق في الأذهان, وبقي في القلوب حتى الآن.كل من زار هذا المكان لأول مرة, أراد العودة ولكنه لم يستطع.وكذلك من لعب لعبة التل الصامت , أراد التوقف ,ولكن ..... لا سبيل إلى التوقف.
هذا ما أسميه بالإدمان على الهدوء, أو الإدمان على الجريمة.نعم هي جريمة يرتكبها اللاعب في كل مرة يدخل فيها هذه المدينة دون أن يعلم السر وراء ذلك الهدوء الذي يبحث عنه.
ومجنون فعلاً من يبحث عن الهدوء في مدينة كالتل الصامت.
ذلك ما حدث لهاري ميسون قبل أن يحدث بعد 17 سنة لابنته وجيمس المجنون , ثم المسكين صاحب الغرفة رقم 302 .
هذا ما توفره لك لعبة التل الصامت, ولا يمكن لأي لعبة غيرها أن تفعل.
تنتقل بين عوالم ضبابية غامضة وأخرى وحشية ولعينة .تنتابك أحاسيس قوية مرات , ومشاعر مرهفة مرات عديدة.يعجبك غموض القصة, ويجذبك سحرها, فيما تدفعك أسرارها إلى حالة من الحزن . يتعبك البحث عن حل لغز ما, بينما يجد حله أخوك الأصغر وتكتشف أنه كان بين يديك طوال الوقت.إنه جنون التناقضات الذي يصيبك بالحيرة أمام ما تشاهده , وما تصنعه بيديك .
وهو ما يعطي اللعبة صفة التميز, لأنها فعلاً مميزة.
فإن كنت ممن يؤمنون بأن الألعاب تنتهي بمجرد انتهاء الصراع وظهور كلمة Game Over على الشاشة .
فأنصحك بعدم متابعة الموضوع والانصراف لما هو أهم.
أما إن كنت ممن يعتقدون بأنهم مصابون بحمى التل الصامت سايلنت هيل .أو كنت فعلاً ممن يجلسون الساعات الطوال في إعادة اللعبة محاولين فهم القصة أو اكتشاف شيء جديد هنا أو هناك..
فأنصحك بالانضمام إلينا لنمشي معاً وسط الضباب الكثيف .
فالرحلة ستطول
هنا في بانوراما silent hill----- --------
سأحاول استعراض أهم ما حوت السلسلة من عناصر النجاح والتميز في مجال القصة والمقارنة بين جميع الأجزاء... وسيتم تقييم كل جزء بإحدى الدرجات
( مقبول , جيد , جيد جداً , ممتاز )
-------++-----
ولكن قبل أن أخوض في تحليل قصة كل جزء علي أن أعرف ببعض المفاهيم المرتبطة بالقصة.عناصر القصة :الشخصيات والزمان والمكانوالحبكة الفنية.
الشخصيات في القصة نوعان . إما ثانوية تساعد في البناء الفني وتتفاعل مع البطل وتعمل على أخذ القصة لمجراها دون أن تغير جذرياً من نهاية القصة.مثل لورا في الجزء الثاني و فينست في الثالث وكذلك الشرطية سيبل في الجزء الأول.وإما شخصيات أساسية ومحورية يدور الحدث في القصة حولها.
ويجب أن يكون لها صفات جسدية مميزة وملامح نفسية تبرر تصرفات الشخصية و تشكل دافع للحدث والسبب الرئيسي في سير الأحداث.الآن..الحبكة الفنية هي أكثر ما يهمنا في القصة و هي أكثر العناصر حساسية وتأثيراً على اللاعب أو المشاهد, وتشمل الموضوع والحدث والعقدة والصراع والخاتمة.
- موضوع القصة الجيد يجب أن يكون مبتكراً و أن يعبر عن الفكرة بصورة مناسبة ومنطقية, كأن يعمل على تلاؤم الشخصيات مع الأدوار التي تلعبها ومع البيئة المحيطة والوسط الاجتماعي والثقافي الموجودة فيه,<< فليس من المنطقي مثلاً أن نشهد أحداث قصة حدثت في القرون الوسطى بينما يملك جميع شخصياتها هواتفاً نقالة و كمبيوترات محمولة>> وكأن يعمل أيضاً على تبرير كل ما يجري في القصة انطلاقاً من الدوافع النفسية للشخصيات والأسباب المنطقية لتسلسل الأحداث. وانطلاقاً أيضاً من قدرة الكاتب على تحليل نفسية اللاعب وطريقة فهمه للقصة وما يمكن أن يتوقعه في اللحظات القادمة.
- أهم ما يميز أحداث القصة المثيرة والمشوقة, أنها تجعل اللاعب في ترقب دائم لما قد يحصل في الفقرة التالية من اللعبة (أو من القصة ) وتطرد الملل عن أجوائها وهذا مهم جداً في تحديد عمر اللعبة وطولها.تدرج الأحداث أيضاً يختلف من قصة إلى أخرى,فتجد الأحداث المتسلسلة بشكل منطقي قادرة على تقديم ما يحصل بشكل مبسط وسلس ومتنامي متطوراً من البداية حتى النهاية ,وبطريقة تشد اللاعب إلى متابعتها.بينما تجد أحداث القصة المتشابكة يصعب فهمها وتترك دائما أسئلة بلا أجوبه, مما يجعل اللاعب في حيرة وتأمل بدل أن يكون في حالة ترقب.
هذا التسلسل الغير مترابط في القصة يجعلها تحتمل نهايات مختلفة تكون جميعها مبررة ومنطقيه للغاية. وفي نفس الوقت مفاجئة وغير متوقعة, حيث يتم تفسير كل شيء من قبل القارئ (اللاعب) بطريقة مختلفة عن طريقة الكاتب نفسه.يحصل هذا الاختلاف في التفسير والتوقعات بسبب غياب عناصر الربط بين الشخصيات والأحداث وربما بين الأزمنة والأحداث في بعض الأحيان. وهذا ما يعتمد عليه منتجو الألعاب في إطالة عمر القصة.
العقدة هي المرحلة أو النقطة الزمنية من القصة التي تتأزم فيها الأحداث والمواقف,وتتضح فيها بؤرة الصراع, وتنطمس أمام اللاعب معالم الحل والنتائج, وقد تتداعى إلى ذهن اللاعب تفسيرات وتوقعات كثيرة جداً, قد تكون صحيحة وقد تكون غير ذلك, ولكن المهم أنه يظل في حالة تحفز كامل لما سيحصل حتى تحين لحظة الحل من خلال أحداث القصة أو اللعبة نفسها.الصراع: هو المعركة أو الاصطدام التي تبنى عليه القصة أساساً ويدفع الحدث إلى الأمام.
-أما حل العقدة فدائماً ما يمثل الخاتمة, فهو لحظة التنوير التي يكتمل بها الأثر ويتشكل المعنى , وتضيء الخاتمة القصة مفجرة طاقة الانطباع فيها, فيمكن أن يأتي الحل دفعة واحدة أو بالتدريج ويمكن أن يأتي على مراحل أو مرحلة زمنية واحدة, ولكن ليس هذا هو المهم فعلاً, المهم في حل العقدة والخاتمة أن تكون على درجة من الإقناع كافية لجعل اللاعب يستمر في القصة أو اللعبة على أساس واقعي, وليس مهماً أن تتطابق خاتمة الأحداث مع توقعات اللاعب بقدر ما هو مهم أن تكون مفاجئة وبعيدة عن التوقعات وصادقة في نفس الوقت.
ولكن ليس من الضروري أن تكون النهاية "متوقعة" لكي تكون "واقعية", فالنهاية المتوقعة ترجع سهولة توقعها إلى قرب الفكرة من قلب اللاعب ودرجة تقبله إياها كما ترجع إلى مصداقيتها في توظيف الأحداث السابقة في القصة, ومصداقيتها في ترتيب الوقائع على أساس عقلاني, والنهاية "الواقعية" ترجع واقعيتها إلى صدقها مع اللاعب ومع الأحداث والوقائع التي تم سردها سابقاً , ويمكن القول أن الفرق بين النهاية "المتوقعة" والنهاية "الواقعية"يشبه الفرق بين الجانب "الخيالي" والجانب "العقلاني" في القصة, فوجود أحد شخصيات قصة ما وقد امتلك قوة خارقة مهما كان سببها ثم فقدانه لها في النهاية لا يدعو إلى التفكر في سبب فقدانه لهذه القوة, لأن هذا الأمر متعلق بالخيال الذي تم افتراضه في البداية بأن القوة موجودة, ولو كان هناك تفسير عقلاني لوجودها لتساءلنا عنه منذ البداية, في المقابل فإن تحول هذه الشخصيات مثلاً في نهاية القصة من مجرم وقاتل يستخدم قوته في الشر إلى رجل طيب لا يستخدمها سوى في الخير, لا لشيء بل لتظهر النهاية على أنها "غير متوقعة", وفي ظل غياب الدوافع العقلانية , ينزع عن هذه النهاية المصداقية والواقعية و لكنه لا ينزع عنها الجانب الخيالي الذي هو افتراض أساسي تقوم عليه القصة بأكملها ويدعي بأن تلك القوة موجودة, الأمر هنا أكثر ارتباطاً بمفهوم الملامح الجسدية والنفسية للشخصية, فالخيال مثلاً متعلق في أغلب الأحيان بالزمان أو بالمكان أو بشخصية معينة, ويتعذر تفسيره دائماً (إلا إذا كانت القصة تتبع الخيال علمي) وبالتالي فإن أحد هذه العوامل "فقط" هو من يحدد ملامح الشخصية الجسدية والنفسية , وفي المقابل فإن سير الأحداث العقلاني و"الواقعي" متعلق بالزمان والمكان جنباً إلى جنب مع الشخصية نفسها ويمكن أن تحدد كلها الملامح الجسدية أو النفسية أو كليهما معاً , وهو ما يدعو أكثر النقاد والمتتبعين للتركيز على الجوانب العقلية والواقعية أكثر من الخيالية। فالمهم ليس تلك النهايات الصاخبة والمفاجئة ولكن كل حدث في القصة له دوره ويجب أن يقود إلى النهاية على نحو طبيعي وصادق।ويأتي هنا دور كاتب القصة الذي عليه أن يضع في حسبانه كل تلك الأمور لكي يجعل النهاية غير "متوقعة", وفي نفس الوقت "واقعية", بحيث لا يسمح بغموض القصة بأن يخلق مسافة من التباعد بين اللعبة(القصة) واللاعب।