الاثنين، 4 فبراير 2008

أغــــــــرب شخصيات سايلنت هيل، تحتَ المجهر


لم يعد أمر سايلنت هيل يتعلق بالرعب فقط، بل أصبح الآن هوسًا مسيطرًا على الجميع، وشغفًا كبيرًا بتلك التجربة الفنية العميقة والغنية بالقصص المخيفة التي تغلفها رحلة خيالية ممتعة للغاية

وبعد أن أنهيت جميع أجزاء اللعبة، والجزء الرابع مؤخرًا أرى أن الصورة الآن قد اكتملت، وأن الخيال قد بلغ أقصى حدوده في هذا الجزء من اللعبة، وأعتقد جازمًا أن كل من قال عن الجزء الرابع أنه أضعف الأجزاء، قد يغير رأيه تمامًا بعد إنهاء اللعبة।فالتوتر كان موجودًا حتى وقت قريب من النهاية، والجميع غلب عليه الحماس، والانطباع النهائي لم يكن ليتولد لولم تنته اللعبة.ولأن لكل شخص رؤيته الخاصة،أرى أن شخصية جوزيف شرايبر شخصية عجيبة وفريدة من نوعها، وهي أهم ما يميز لعبة سايلنت هيل 4 بأكملها





هذه الشخصية الغريبة تم تجسيدها بطريقة مميزة للغاية।جوزيف شرايبر هو العنصر الأكثر فعالية في دراما وحبكة القصة، وهو الشخصية المتواجدة في جميع مراحل اللعبة، ومن خلال الرسائل الحمراء التي كنا نجدها تحت الباب، والتي في الواقع هي مذكراته، أتاحت لنا الدخول في عالم اللعبة الخيالي، وعالم هذه الشخصية وعلاقتها ببطل اللعبة هنري، فأعطت للعبة بعدًا جماليًا خاصًا من خلال توافق الأحداث التي تحصل لهذه الشخصية مع هنري، ومن خلال البعد الزمني الذي يفصل بينهما.وأدعو الجميع لأن يتأمل كيف استطاعت اللعبة وضعنا في وسط معركة ضد والتر ويكون جوزيف شرايبر هو المحرك الأساسي لها، والمعين المخلص لهنري رغم أنه لا يعرفه، فبعد أن أغلق جوزيف باب شقته على نفسه، وبدأ الهوس التحقيقي يسيطر عليه، بدأ يغوص شيئًا فشيئَا في عالم والتر، وبدأ عالم والتر يمتصه إليه، ومن دون أن يحس بذلك، حتى عندما مات، لم يعرف ذلك، وواصل مسيرته الهادفه إلى كشف الحقيقة، هنا ندرك قمة الإبداع في الخيال الذي تبنى عليه قصة اللعبة، والمعنى الجمالي المتمثل في عالم اللاوعي الذي تكون من أوهام والتر وغريزة الانتقام، المدفونه فيه منذ الصغر، ذلك العالم الذي نشأ قبل أن يموت والتر، واستمر حتى بعد أن مات منتحرًا في زنزانته.قد لا يكون عالم والتر واضحًا أو جليًا للبعض. كما أنني لا أدعي النظر بعين الناقد صاحب النظرة التعسفية والذي يدعي رؤية ما لا يراه الآخرون.لكن فكرة هذا العالم وعلاقته بجوزيف شرايبر تزداد عمقًا بالنسبة لي أكثر وأكثر بعد قراءة مذكراته، وبالأخص ما يتعلق منها بموته وعدم معرفته لذلك، وبداية دخوله لعالم والتر وتأثيره فيه وتفاعله معه،وفي نفس الوقت محاولة كشف الحقيقة وكتابة المذكرات رغم كل تلك المصاعب التي واجهها.ولعل متتبعي ومحللي قصة هذا الجزء يتذكرون جيداً تلك العبارة من مذكرات جوزيف لما لها من وقع عميق في نفوسهم وتأثير واضح على مجمل قصة هذا الرجل، حيث يكتب في مذكراته بعد أن دخل تمامًا في عالم والتر وأصبح جزءًا منهجسدًا وروحًا: "The faint hope I had is slowly changing to despair." أي " بصيص الأمل الذي كان لدي، يتحول ببطء إلى يأس".فبعد أن تبنى قضية والتر سوليفان وبدأ التحقيق فيها بشكل شخصي، وبعد أن كانت بدايته نشيطة جدًا ونجح في تحقيق الكثير من النتائج على صعيد كشف حقيقة والتر، بدأ اليأس يتسلل إليه شيئًا فشيئَا، وذلك بسبب تأثير عالم والتر عليه ومحاولة جذبه إلى الداخل.وفي مرحلة ما من مراحل بحثه توقفت النتائج عن الظهور فجأة، فبدأ في التفكير على نحو مختلف، فيه كثير من التخيل، بل أقرب في أفكاره إلى الخيال،فأصبح يعتمد كثيرًا على أفكاره الجديدة التي أصبحت تعطي نتائج ملموسة بفعل وتأثير عالم والتر من الجهة المقابلة، وتلك هي المفارقة العجيبة والمتعلقة مباشرة بلب موضوع القصة ودلالاتها النفسية،حيث الاتكاء على الحلم والكابوس في حالة العجز، والاكتفاء بابتداع بدائل وهمية للحقيقة عندما تكون بعيدة المنال،والغوص في هذا العالم البديل الوهمي والذهاب فيه بعيدًا، مدعاة إلى اليأس والخمول وتقهقر القدرات الجسدية والعقلية والنفسية، ويؤدي ذلك دائمًا إلى العزلة المفرطة، وتحول الإنسان إلى كائن يتخيل كثيرًا وينام كثيرًا.وذلك ما حصل لجوزيف شرايبر قبل أن يحصل لهنري، حيث أفرط في النوم لساعات كثيرة، وكان غالبًا ما يصيبه صداع ويحس بأن الهواء ثقيل على رأسه، ويحس أحيانًا بالخوف كلما نظر إلى الصور العلقة على الحائط في غرفته، رغم أنها كانت تعجبه.أعتقد بأن شخصية جوزيف شرايبر - بهذه الملامح النفسية العجيبة- يصعب تجسيدها في أي فيلم أو قصة أو رواية، بل يمكنني القول بأنه من المستحيل وضعها وتجسيدها بهذه الصورة في غير هذه اللعبة، قد توافقونني الرأي أو تختلفون معي حول هذه النقطة بالذات،وقد تكون الصورة التي أرمي إليها غير واضحة تمامًا،ولكنها موجودة، وإني لأحس بأنها واضحة أكثر عندما أتذكر أن جوزيف شرايبر لم يظهر في أي لقطة من لقطات اللعبة، بمعنى أن الملامح الجسدية لهذه الشخصية، غير موجودة.


ليست هناك تعليقات: