رؤية فنية, لقصة مميزة
-----------------
وجدت أنه من الضروري أن أنقل بعض كتاباتي القديمة إلى المدونة لكي تصل إليها أيدي متتبعي الألعاب ومعجبيها الذين لا يطيقون الدخول إلى المنتديات،
البداية مع رؤيتي الشخصية لأسطورة عالم الرعب (التل الصامت)
لنبدأ
ظلام وهدوء
ضباب وغموض
أحزان وشجون
حكايات وذكريات
حلقة مفرغة
وطريق مسدود يذكرني بزمن قد مضى
سبع سنوات بالتأكيد ليست كافية لنسيان ما مضى
إنه التل الصامت . المكان الوحيد الذي تعلق في الأذهان, وبقي في القلوب حتى الآن.كل من زار هذا المكان لأول مرة, أراد العودة ولكنه لم يستطع.وكذلك من لعب لعبة التل الصامت , أراد التوقف ,ولكن ..... لا سبيل إلى التوقف.
هذا ما أسميه بالإدمان على الهدوء, أو الإدمان على الجريمة.نعم هي جريمة يرتكبها اللاعب في كل مرة يدخل فيها هذه المدينة دون أن يعلم السر وراء ذلك الهدوء الذي يبحث عنه.
ومجنون فعلاً من يبحث عن الهدوء في مدينة كالتل الصامت.
ذلك ما حدث لهاري ميسون قبل أن يحدث بعد 17 سنة لابنته وجيمس المجنون , ثم المسكين صاحب الغرفة رقم 302 .
هذا ما توفره لك لعبة التل الصامت, ولا يمكن لأي لعبة غيرها أن تفعل.
تنتقل بين عوالم ضبابية غامضة وأخرى وحشية ولعينة .تنتابك أحاسيس قوية مرات , ومشاعر مرهفة مرات عديدة.يعجبك غموض القصة, ويجذبك سحرها, فيما تدفعك أسرارها إلى حالة من الحزن . يتعبك البحث عن حل لغز ما, بينما يجد حله أخوك الأصغر وتكتشف أنه كان بين يديك طوال الوقت.إنه جنون التناقضات الذي يصيبك بالحيرة أمام ما تشاهده , وما تصنعه بيديك .
وهو ما يعطي اللعبة صفة التميز, لأنها فعلاً مميزة.
فإن كنت ممن يؤمنون بأن الألعاب تنتهي بمجرد انتهاء الصراع وظهور كلمة Game Over على الشاشة .
فأنصحك بعدم متابعة الموضوع والانصراف لما هو أهم.
أما إن كنت ممن يعتقدون بأنهم مصابون بحمى التل الصامت سايلنت هيل .أو كنت فعلاً ممن يجلسون الساعات الطوال في إعادة اللعبة محاولين فهم القصة أو اكتشاف شيء جديد هنا أو هناك..
فأنصحك بالانضمام إلينا لنمشي معاً وسط الضباب الكثيف .
فالرحلة ستطول
هنا في بانوراما silent hill----- --------
سأحاول استعراض أهم ما حوت السلسلة من عناصر النجاح والتميز في مجال القصة والمقارنة بين جميع الأجزاء... وسيتم تقييم كل جزء بإحدى الدرجات
( مقبول , جيد , جيد جداً , ممتاز )
-------++-----
ولكن قبل أن أخوض في تحليل قصة كل جزء علي أن أعرف ببعض المفاهيم المرتبطة بالقصة.عناصر القصة :الشخصيات والزمان والمكانوالحبكة الفنية.
الشخصيات في القصة نوعان . إما ثانوية تساعد في البناء الفني وتتفاعل مع البطل وتعمل على أخذ القصة لمجراها دون أن تغير جذرياً من نهاية القصة.مثل لورا في الجزء الثاني و فينست في الثالث وكذلك الشرطية سيبل في الجزء الأول.وإما شخصيات أساسية ومحورية يدور الحدث في القصة حولها.
ويجب أن يكون لها صفات جسدية مميزة وملامح نفسية تبرر تصرفات الشخصية و تشكل دافع للحدث والسبب الرئيسي في سير الأحداث.الآن..الحبكة الفنية هي أكثر ما يهمنا في القصة و هي أكثر العناصر حساسية وتأثيراً على اللاعب أو المشاهد, وتشمل الموضوع والحدث والعقدة والصراع والخاتمة.
- موضوع القصة الجيد يجب أن يكون مبتكراً و أن يعبر عن الفكرة بصورة مناسبة ومنطقية, كأن يعمل على تلاؤم الشخصيات مع الأدوار التي تلعبها ومع البيئة المحيطة والوسط الاجتماعي والثقافي الموجودة فيه,<< فليس من المنطقي مثلاً أن نشهد أحداث قصة حدثت في القرون الوسطى بينما يملك جميع شخصياتها هواتفاً نقالة و كمبيوترات محمولة>> وكأن يعمل أيضاً على تبرير كل ما يجري في القصة انطلاقاً من الدوافع النفسية للشخصيات والأسباب المنطقية لتسلسل الأحداث. وانطلاقاً أيضاً من قدرة الكاتب على تحليل نفسية اللاعب وطريقة فهمه للقصة وما يمكن أن يتوقعه في اللحظات القادمة.
- أهم ما يميز أحداث القصة المثيرة والمشوقة, أنها تجعل اللاعب في ترقب دائم لما قد يحصل في الفقرة التالية من اللعبة (أو من القصة ) وتطرد الملل عن أجوائها وهذا مهم جداً في تحديد عمر اللعبة وطولها.تدرج الأحداث أيضاً يختلف من قصة إلى أخرى,فتجد الأحداث المتسلسلة بشكل منطقي قادرة على تقديم ما يحصل بشكل مبسط وسلس ومتنامي متطوراً من البداية حتى النهاية ,وبطريقة تشد اللاعب إلى متابعتها.بينما تجد أحداث القصة المتشابكة يصعب فهمها وتترك دائما أسئلة بلا أجوبه, مما يجعل اللاعب في حيرة وتأمل بدل أن يكون في حالة ترقب.
هذا التسلسل الغير مترابط في القصة يجعلها تحتمل نهايات مختلفة تكون جميعها مبررة ومنطقيه للغاية. وفي نفس الوقت مفاجئة وغير متوقعة, حيث يتم تفسير كل شيء من قبل القارئ (اللاعب) بطريقة مختلفة عن طريقة الكاتب نفسه.يحصل هذا الاختلاف في التفسير والتوقعات بسبب غياب عناصر الربط بين الشخصيات والأحداث وربما بين الأزمنة والأحداث في بعض الأحيان. وهذا ما يعتمد عليه منتجو الألعاب في إطالة عمر القصة.
العقدة هي المرحلة أو النقطة الزمنية من القصة التي تتأزم فيها الأحداث والمواقف,وتتضح فيها بؤرة الصراع, وتنطمس أمام اللاعب معالم الحل والنتائج, وقد تتداعى إلى ذهن اللاعب تفسيرات وتوقعات كثيرة جداً, قد تكون صحيحة وقد تكون غير ذلك, ولكن المهم أنه يظل في حالة تحفز كامل لما سيحصل حتى تحين لحظة الحل من خلال أحداث القصة أو اللعبة نفسها.الصراع: هو المعركة أو الاصطدام التي تبنى عليه القصة أساساً ويدفع الحدث إلى الأمام.
-أما حل العقدة فدائماً ما يمثل الخاتمة, فهو لحظة التنوير التي يكتمل بها الأثر ويتشكل المعنى , وتضيء الخاتمة القصة مفجرة طاقة الانطباع فيها, فيمكن أن يأتي الحل دفعة واحدة أو بالتدريج ويمكن أن يأتي على مراحل أو مرحلة زمنية واحدة, ولكن ليس هذا هو المهم فعلاً, المهم في حل العقدة والخاتمة أن تكون على درجة من الإقناع كافية لجعل اللاعب يستمر في القصة أو اللعبة على أساس واقعي, وليس مهماً أن تتطابق خاتمة الأحداث مع توقعات اللاعب بقدر ما هو مهم أن تكون مفاجئة وبعيدة عن التوقعات وصادقة في نفس الوقت.
ولكن ليس من الضروري أن تكون النهاية "متوقعة" لكي تكون "واقعية", فالنهاية المتوقعة ترجع سهولة توقعها إلى قرب الفكرة من قلب اللاعب ودرجة تقبله إياها كما ترجع إلى مصداقيتها في توظيف الأحداث السابقة في القصة, ومصداقيتها في ترتيب الوقائع على أساس عقلاني, والنهاية "الواقعية" ترجع واقعيتها إلى صدقها مع اللاعب ومع الأحداث والوقائع التي تم سردها سابقاً , ويمكن القول أن الفرق بين النهاية "المتوقعة" والنهاية "الواقعية"يشبه الفرق بين الجانب "الخيالي" والجانب "العقلاني" في القصة, فوجود أحد شخصيات قصة ما وقد امتلك قوة خارقة مهما كان سببها ثم فقدانه لها في النهاية لا يدعو إلى التفكر في سبب فقدانه لهذه القوة, لأن هذا الأمر متعلق بالخيال الذي تم افتراضه في البداية بأن القوة موجودة, ولو كان هناك تفسير عقلاني لوجودها لتساءلنا عنه منذ البداية, في المقابل فإن تحول هذه الشخصيات مثلاً في نهاية القصة من مجرم وقاتل يستخدم قوته في الشر إلى رجل طيب لا يستخدمها سوى في الخير, لا لشيء بل لتظهر النهاية على أنها "غير متوقعة", وفي ظل غياب الدوافع العقلانية , ينزع عن هذه النهاية المصداقية والواقعية و لكنه لا ينزع عنها الجانب الخيالي الذي هو افتراض أساسي تقوم عليه القصة بأكملها ويدعي بأن تلك القوة موجودة, الأمر هنا أكثر ارتباطاً بمفهوم الملامح الجسدية والنفسية للشخصية, فالخيال مثلاً متعلق في أغلب الأحيان بالزمان أو بالمكان أو بشخصية معينة, ويتعذر تفسيره دائماً (إلا إذا كانت القصة تتبع الخيال علمي) وبالتالي فإن أحد هذه العوامل "فقط" هو من يحدد ملامح الشخصية الجسدية والنفسية , وفي المقابل فإن سير الأحداث العقلاني و"الواقعي" متعلق بالزمان والمكان جنباً إلى جنب مع الشخصية نفسها ويمكن أن تحدد كلها الملامح الجسدية أو النفسية أو كليهما معاً , وهو ما يدعو أكثر النقاد والمتتبعين للتركيز على الجوانب العقلية والواقعية أكثر من الخيالية। فالمهم ليس تلك النهايات الصاخبة والمفاجئة ولكن كل حدث في القصة له دوره ويجب أن يقود إلى النهاية على نحو طبيعي وصادق।ويأتي هنا دور كاتب القصة الذي عليه أن يضع في حسبانه كل تلك الأمور لكي يجعل النهاية غير "متوقعة", وفي نفس الوقت "واقعية", بحيث لا يسمح بغموض القصة بأن يخلق مسافة من التباعد بين اللعبة(القصة) واللاعب।
ضباب وغموض
أحزان وشجون
حكايات وذكريات
حلقة مفرغة
وطريق مسدود يذكرني بزمن قد مضى
سبع سنوات بالتأكيد ليست كافية لنسيان ما مضى
إنه التل الصامت . المكان الوحيد الذي تعلق في الأذهان, وبقي في القلوب حتى الآن.كل من زار هذا المكان لأول مرة, أراد العودة ولكنه لم يستطع.وكذلك من لعب لعبة التل الصامت , أراد التوقف ,ولكن ..... لا سبيل إلى التوقف.
هذا ما أسميه بالإدمان على الهدوء, أو الإدمان على الجريمة.نعم هي جريمة يرتكبها اللاعب في كل مرة يدخل فيها هذه المدينة دون أن يعلم السر وراء ذلك الهدوء الذي يبحث عنه.
ومجنون فعلاً من يبحث عن الهدوء في مدينة كالتل الصامت.
ذلك ما حدث لهاري ميسون قبل أن يحدث بعد 17 سنة لابنته وجيمس المجنون , ثم المسكين صاحب الغرفة رقم 302 .
هذا ما توفره لك لعبة التل الصامت, ولا يمكن لأي لعبة غيرها أن تفعل.
تنتقل بين عوالم ضبابية غامضة وأخرى وحشية ولعينة .تنتابك أحاسيس قوية مرات , ومشاعر مرهفة مرات عديدة.يعجبك غموض القصة, ويجذبك سحرها, فيما تدفعك أسرارها إلى حالة من الحزن . يتعبك البحث عن حل لغز ما, بينما يجد حله أخوك الأصغر وتكتشف أنه كان بين يديك طوال الوقت.إنه جنون التناقضات الذي يصيبك بالحيرة أمام ما تشاهده , وما تصنعه بيديك .
وهو ما يعطي اللعبة صفة التميز, لأنها فعلاً مميزة.
فإن كنت ممن يؤمنون بأن الألعاب تنتهي بمجرد انتهاء الصراع وظهور كلمة Game Over على الشاشة .
فأنصحك بعدم متابعة الموضوع والانصراف لما هو أهم.
أما إن كنت ممن يعتقدون بأنهم مصابون بحمى التل الصامت سايلنت هيل .أو كنت فعلاً ممن يجلسون الساعات الطوال في إعادة اللعبة محاولين فهم القصة أو اكتشاف شيء جديد هنا أو هناك..
فأنصحك بالانضمام إلينا لنمشي معاً وسط الضباب الكثيف .
فالرحلة ستطول
هنا في بانوراما silent hill----- --------
سأحاول استعراض أهم ما حوت السلسلة من عناصر النجاح والتميز في مجال القصة والمقارنة بين جميع الأجزاء... وسيتم تقييم كل جزء بإحدى الدرجات
( مقبول , جيد , جيد جداً , ممتاز )
-------++-----
ولكن قبل أن أخوض في تحليل قصة كل جزء علي أن أعرف ببعض المفاهيم المرتبطة بالقصة.عناصر القصة :الشخصيات والزمان والمكانوالحبكة الفنية.
الشخصيات في القصة نوعان . إما ثانوية تساعد في البناء الفني وتتفاعل مع البطل وتعمل على أخذ القصة لمجراها دون أن تغير جذرياً من نهاية القصة.مثل لورا في الجزء الثاني و فينست في الثالث وكذلك الشرطية سيبل في الجزء الأول.وإما شخصيات أساسية ومحورية يدور الحدث في القصة حولها.
ويجب أن يكون لها صفات جسدية مميزة وملامح نفسية تبرر تصرفات الشخصية و تشكل دافع للحدث والسبب الرئيسي في سير الأحداث.الآن..الحبكة الفنية هي أكثر ما يهمنا في القصة و هي أكثر العناصر حساسية وتأثيراً على اللاعب أو المشاهد, وتشمل الموضوع والحدث والعقدة والصراع والخاتمة.
- موضوع القصة الجيد يجب أن يكون مبتكراً و أن يعبر عن الفكرة بصورة مناسبة ومنطقية, كأن يعمل على تلاؤم الشخصيات مع الأدوار التي تلعبها ومع البيئة المحيطة والوسط الاجتماعي والثقافي الموجودة فيه,<< فليس من المنطقي مثلاً أن نشهد أحداث قصة حدثت في القرون الوسطى بينما يملك جميع شخصياتها هواتفاً نقالة و كمبيوترات محمولة>> وكأن يعمل أيضاً على تبرير كل ما يجري في القصة انطلاقاً من الدوافع النفسية للشخصيات والأسباب المنطقية لتسلسل الأحداث. وانطلاقاً أيضاً من قدرة الكاتب على تحليل نفسية اللاعب وطريقة فهمه للقصة وما يمكن أن يتوقعه في اللحظات القادمة.
- أهم ما يميز أحداث القصة المثيرة والمشوقة, أنها تجعل اللاعب في ترقب دائم لما قد يحصل في الفقرة التالية من اللعبة (أو من القصة ) وتطرد الملل عن أجوائها وهذا مهم جداً في تحديد عمر اللعبة وطولها.تدرج الأحداث أيضاً يختلف من قصة إلى أخرى,فتجد الأحداث المتسلسلة بشكل منطقي قادرة على تقديم ما يحصل بشكل مبسط وسلس ومتنامي متطوراً من البداية حتى النهاية ,وبطريقة تشد اللاعب إلى متابعتها.بينما تجد أحداث القصة المتشابكة يصعب فهمها وتترك دائما أسئلة بلا أجوبه, مما يجعل اللاعب في حيرة وتأمل بدل أن يكون في حالة ترقب.
هذا التسلسل الغير مترابط في القصة يجعلها تحتمل نهايات مختلفة تكون جميعها مبررة ومنطقيه للغاية. وفي نفس الوقت مفاجئة وغير متوقعة, حيث يتم تفسير كل شيء من قبل القارئ (اللاعب) بطريقة مختلفة عن طريقة الكاتب نفسه.يحصل هذا الاختلاف في التفسير والتوقعات بسبب غياب عناصر الربط بين الشخصيات والأحداث وربما بين الأزمنة والأحداث في بعض الأحيان. وهذا ما يعتمد عليه منتجو الألعاب في إطالة عمر القصة.
العقدة هي المرحلة أو النقطة الزمنية من القصة التي تتأزم فيها الأحداث والمواقف,وتتضح فيها بؤرة الصراع, وتنطمس أمام اللاعب معالم الحل والنتائج, وقد تتداعى إلى ذهن اللاعب تفسيرات وتوقعات كثيرة جداً, قد تكون صحيحة وقد تكون غير ذلك, ولكن المهم أنه يظل في حالة تحفز كامل لما سيحصل حتى تحين لحظة الحل من خلال أحداث القصة أو اللعبة نفسها.الصراع: هو المعركة أو الاصطدام التي تبنى عليه القصة أساساً ويدفع الحدث إلى الأمام.
-أما حل العقدة فدائماً ما يمثل الخاتمة, فهو لحظة التنوير التي يكتمل بها الأثر ويتشكل المعنى , وتضيء الخاتمة القصة مفجرة طاقة الانطباع فيها, فيمكن أن يأتي الحل دفعة واحدة أو بالتدريج ويمكن أن يأتي على مراحل أو مرحلة زمنية واحدة, ولكن ليس هذا هو المهم فعلاً, المهم في حل العقدة والخاتمة أن تكون على درجة من الإقناع كافية لجعل اللاعب يستمر في القصة أو اللعبة على أساس واقعي, وليس مهماً أن تتطابق خاتمة الأحداث مع توقعات اللاعب بقدر ما هو مهم أن تكون مفاجئة وبعيدة عن التوقعات وصادقة في نفس الوقت.
ولكن ليس من الضروري أن تكون النهاية "متوقعة" لكي تكون "واقعية", فالنهاية المتوقعة ترجع سهولة توقعها إلى قرب الفكرة من قلب اللاعب ودرجة تقبله إياها كما ترجع إلى مصداقيتها في توظيف الأحداث السابقة في القصة, ومصداقيتها في ترتيب الوقائع على أساس عقلاني, والنهاية "الواقعية" ترجع واقعيتها إلى صدقها مع اللاعب ومع الأحداث والوقائع التي تم سردها سابقاً , ويمكن القول أن الفرق بين النهاية "المتوقعة" والنهاية "الواقعية"يشبه الفرق بين الجانب "الخيالي" والجانب "العقلاني" في القصة, فوجود أحد شخصيات قصة ما وقد امتلك قوة خارقة مهما كان سببها ثم فقدانه لها في النهاية لا يدعو إلى التفكر في سبب فقدانه لهذه القوة, لأن هذا الأمر متعلق بالخيال الذي تم افتراضه في البداية بأن القوة موجودة, ولو كان هناك تفسير عقلاني لوجودها لتساءلنا عنه منذ البداية, في المقابل فإن تحول هذه الشخصيات مثلاً في نهاية القصة من مجرم وقاتل يستخدم قوته في الشر إلى رجل طيب لا يستخدمها سوى في الخير, لا لشيء بل لتظهر النهاية على أنها "غير متوقعة", وفي ظل غياب الدوافع العقلانية , ينزع عن هذه النهاية المصداقية والواقعية و لكنه لا ينزع عنها الجانب الخيالي الذي هو افتراض أساسي تقوم عليه القصة بأكملها ويدعي بأن تلك القوة موجودة, الأمر هنا أكثر ارتباطاً بمفهوم الملامح الجسدية والنفسية للشخصية, فالخيال مثلاً متعلق في أغلب الأحيان بالزمان أو بالمكان أو بشخصية معينة, ويتعذر تفسيره دائماً (إلا إذا كانت القصة تتبع الخيال علمي) وبالتالي فإن أحد هذه العوامل "فقط" هو من يحدد ملامح الشخصية الجسدية والنفسية , وفي المقابل فإن سير الأحداث العقلاني و"الواقعي" متعلق بالزمان والمكان جنباً إلى جنب مع الشخصية نفسها ويمكن أن تحدد كلها الملامح الجسدية أو النفسية أو كليهما معاً , وهو ما يدعو أكثر النقاد والمتتبعين للتركيز على الجوانب العقلية والواقعية أكثر من الخيالية। فالمهم ليس تلك النهايات الصاخبة والمفاجئة ولكن كل حدث في القصة له دوره ويجب أن يقود إلى النهاية على نحو طبيعي وصادق।ويأتي هنا دور كاتب القصة الذي عليه أن يضع في حسبانه كل تلك الأمور لكي يجعل النهاية غير "متوقعة", وفي نفس الوقت "واقعية", بحيث لا يسمح بغموض القصة بأن يخلق مسافة من التباعد بين اللعبة(القصة) واللاعب।
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق